maheronline

ماهر انلاين: موقع سياسي اجتماعي بختص في الأخبار السياسية والأحداث على الساحة العربية الإسرائيلية ونزاعاتها مع الدول الغربية وإيران وإسرائيل

الشريط الإخباري لموقع الجزيرة نت

الأحد، 13 مايو 2012

ما بين القاهرة وتل أبيب: الموسيقى العربية تدخل إلى التيار الوسطي في إسرائيل

ما بين القاهرة وتل أبيب: الموسيقى العربية تدخل إلى التيار الوسطي في إسرائيل

 تال هندلس، أخبار هعير أون لاين

يمكن القول إن الموسيقى الشرق أوسطية قد سيطرت على التيار الوسطي الإسرائيلي في مجال الغناء. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال يبدو أن التعامل مع الموسيقى العربية الأصيلة محاط بالشك. الفنانون عمير بنيون ودودو طاسا وديكلا ورافيد كحلني هم من بين الرائدين في هذا التيار الوسطي وربما تهب  رياح التغير من أعمالهم الفنية.

قبل نحو عامين قالت المطربة ديكلا في مقابلة مع صحيفة غلوبوس: "إن العلاقة بيني وبين الموسيقى المصرية هي علاقة رضاعة. أنا من بيت مصري-عراقي، ولقد كانت الثقافة المصرية والسينما والمسرح والموسيقى مسيطرة في بيتنا." كلنا نعرف ذلك، وحتى الأشخاص الذين يعيشون من حولنا ولا يعملون في مجال الفن يدركون ذلك أيضاً. نحن متأثرون بما تلقيناه في البيت منذ نعومة أظافرنا بشتى مجالات الحياة، وها هو التأثير يعطي ثماره بعد عدة سنوات. كلنا تربينا على الفن وعشنا التجارب، وأثرنا وتأثرنا. كل عمل يعتمد على تأثيرات الماضي، ولا يوجد فنان ينتج من فراغ. ديكلا وآخرون كثيرون في الثقافة الإسرائيلية متأثرون بعمالقة الطرب العربي الذين اعتادوا على سماعهم في البيت في مرحلة الطفولة. على الرغم من ذلك، يبدو أن البصمة الفنية للثقافة العربية على التيار المركزي أصغر مما يمكن توقعه عند الأخذ بعين الاعتبار الإطلاع الكبير على هذه الموسيقى. ومع ذلك، هل يمكننا أن نشعر بالموسيقى العربية في الوقت الحاضر، وإلى أين سيتطور هذا الأمر؟

تأثير أم كلثوم وفيروز على ديكلا (تصوير من غلاف الألبوم)

"لقد احتلتنا طولكرم"

حقاً، للوهلة الأولى يبدو أن الموسيقى العربية تتواجد في كل مكان. اخرجوا من بيوتكم وتجولوا في شوارع المدينة وسوف تسمعونها بأعلى الأصوات تنبعث من الأكشاك والدكاكين. نحن ببساطة نسمى ذلك موسيقى شرقية. لا داعي لأن نبدأ بإحصاء عدد الفنانين البارزين في الغناء الشرقي، فهم كثيرون وعلى مستوى جيد. لكن، بغض النظر عن كمية الأسطر التي سنكتبها عن الغناء الشرقي، فإن الموسيقى العربية الأصيلة هي مجال واضح جداً ومغلق. إنها مادة متفجرة بيد المجتمع الإسرائيلي. في نهاية المطاف، هناك مقولة شائعة إلى حد نسبي ومعروفة في النظرة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أننا دولة صغيرة محاطة بالأعداء، وعلى مدار السنوات، كان هناك الكثير من الأمثلة التي أثارت جدلاً واسعاً لفترة من الزمن حول هذا الأمر. إحدى أبرز هذه الأمثلة كان في عام 2002 عندما شارك عضو الكنيست في حينه، تومي لبيد، في برنامج راديو لرازي بركائي في محطة جيش الدفاع الإسرائيلي، ووضع خلال البرنامج أغنية لعمير بنيون من ألبومه "تساقط الأوراق"، وكرد فعل على الأغنية قال لبيد: "إننا لسنا نحن من احتل طولكرم، إنما طولكرم هي التي احتلتنا." هذا التصريح ربما يتضمن في طياته أفضل شكل من أشكال التناقض الكبير. فمن ناحية، نحن دوما على أهبة الاستعداد من الناحية الأمنية وننضم إلى صفوف الجيش لندافع عن الحدود، ومن ناحية أخرى، نحن نخلع الزي العسكري ونعود إلى البيت لنستمع إلى أغاني فيروز وأم كلثوم في نهاية الأسبوع.

ديكلا: لقد كانت الثقافة المصرية والسينما والموسيقى سائدة في البيت.
ربما كانت أول مرة وافقنا فيها على تلقي الموسيقى العربية إلى حضن التيار المركزي كان في أغنية "صباح الخير" للفنانة ديكلا، من ألبومها الأول الذي أنتج من قبل "رن شم طوف" وصدر في عام 2000. منذ ذلك الحين أصدرت الفنانة ديكلا ألبومين آخرين يعتمدان كلياً على الموسيقى العربية، ولقد كانت تأثيرات أم كلثوم وفيروز واضحة في كل موال. وحتى أنها في عرض الافتتاح لألبومها الأخير، "أرلوزورف 38"، قامت بعمل لفتة لفيروز وغنت أغنية "حبيتك". ديكلا من عائلة مصرية-عراقية، وقد ذكرت في عدة مناسبات تأثير الثقافة المصرية التي امتصتها في البيت على أعمالها الفنية، مع التشديد على أم كلثوم وفريد الأطرش.

ديكلا: أصدرت ألبومات كاملة معتمدة على الموسيقى العربية. 

أغاني من بيت جدي
فنان آخر تشبع من الثقافة العراقية هو دودو طاسا، الذي دخل إلى مجال الفن قبل ديكلا، لكن انطلاقته الكبرى كانت فقط في ألبومه الثالث الذي صدر في عام 2003. طاسا ذو جذور موسيقية عميقة تصل حتى بغداد في بداية القرن السابق. كان جد الفنان طاسا، ويدعى داوود الكويتي، اسما لامعاً في العالم العربي، وفي ألبومه الثالث قام طاسا بتسجيل أغنية كان قد غناها جده، وهي بعنوان "فوق النخل". في كل ألبوماته قام طاسا بدمج عناصر من الموسيقى العراقية، لكنه كان يعرف دوماً كيف يبقى منتجاً مركزياً في الصناعة المحلية. على سبيل المثال، عندما أنتج ألبوم فرقة "ما كشور"، أو عندما كتب أغنية امتحانات القبول، يقول طاسا: "أردت أن أغني"، للموسم السابع من برنامج سوبر ستار الإسرائيلي. ربما كان نشاطه "الاعتيادي" على مدار السنوات هو ما سمح له بأن ينتج موسيقى ذات جذور تُهضم بسهولة على طبلة الأذن الإسرائيلية الانتقائية. ويبدو أن تأصل موسيقى الروك في أغانيه يلف الموسيقى العربية ويسمح لها بأن تُهضم دون أن تسبب عسراً في الهضم.

في نهاية المطاف، وبعد سنوات من العمل، أصدر الفنان طاسا في بداية هذه السنة ألبومه "دودو طاسا والكويتيون" الذي يعتبر لفتة منه لعائلته العراقية، ويتضمن مواد لأفراد العائلة. لقد حظي الألبوم بموجة عارمة من المديح والإعجاب عبر وسائل الإعلام، وكجزء من استيعابه في التيار الوسطي يستضيف المشروع فنانين من التيار الوسطي مثل باري سحروف ويهوديت رافيتس، وربما من أجل المصادقة النهائية على أنه من المسوح القيام بممارسة فنون موسيقية أخرى.

دودو طاسا - لفتة كبيرة لعائلته العراقية.
البوم آخر صدر هذه السنة باللغة العربية وحظي برواج إعلامي كبير أيضاً هو ألبوم الفنان عمير بنيون الأخير بعنوان "زيني"، وهو ترجمة بالعربية لنصوص من التوراة. باستثناء البعد الفني للألبوم، يدرك الفنان بنيون كيف يبني حواراً من خلال تصريحاته المثيرة للجدل ومواقفه السياسية والاجتماعية. على سبيل المثال، قام بنيون بإهداء ألبومه الأخير لدعم الثوار في سوريا. وفي الماضي أطلق بنيون أيضا على صفحة الفيسبوك الخاصة به أغنية بعنوان "قصة أنا أحبك" كرد فعل على تصريحات يهورام غائون فيما يتعلق بالموسيقى الشرقية، وأغنية "كله تفاهات" التي وجهت إلى ليمور لفنات. لم يتم تسجيل كلا الأغنيتين في إطار ألبوم رسمي، وتم إطلاقهما من قبل الفنان  بنيون كرد فعل تجاه ما يحدث على الساحة من أحداث. يبدو أن بنيون هو من المنتجين الوحيدين الذين يستعملون الفن ووسائل التواصل الاجتماعية من أجل التعبير عن مواقف سياسية وإثارة الحوار الثقافي.

الفنان بنيون يعرف كيف يثير الحوار من خلال تصريحاته المثيرة للجدل.

نجاح عالمي بلهجة يمنية
كل ما ذكر هو مجرد أمثلة لأعمال عربية كجزء من التيار المركزي، وهناك أعمال حظيت بهذه المكانة بفضل اعتمادها على أساليب أخرى تشكل أسساً للتيار المركزي. بيد أنه يمكن سماع الجذور العربية في أعمال على الهوامش أيضا ربما تصل إلى مركز المنصة في يوم ما. أفضل مثال على ذلك هو ما أنتجه الفنان رافيد كحلني، الذي عرف من خلال مشروع عيدن رايخل. وقد وصل الفنان كحلني إلى مقدمة المنصة مؤخراً عندما قام بإصدار مشروعه الخاص "Yemen Blues" الذي حظي بتقدير كبير، حيث يقوم بتقديمه في جميع أنحاء العالم. لكن هذا العمل لم يحظى بعد بالعرض على نطاق واسع في إسرائيل. النقاد الفنيون يمدحون، لكن يبدو أن الجمهور لم يفتح أذنيه بعد لمثل هذا النوع من الموسيقى. يتمتع الفنان كحلني بصوت مميز، ويصدح بأقوال لم نسمعها من قبل. نحن هنا نتحدث عن فرقة فنية يمنية فيها الكثير من الفرح والغبطة، وغالبيتها بالعربية، مع أن المقاطع العربية ترافقها اللهجة اليمنية الثقيلة.

الفنان رافيد كحلني: فرقة يمنية فيها الكثير من الفرح والغبطة، وغالبيتها بالعربية.
الفنان كحلني يدخل البهجة والسرور إلى الموسيقى العربية. ما يميز الأغاني العربية في العادة هو الألم والحزن والبكاء والتراجيديا. تنتشر موسيقى الفنان كحلني من خلال الانترنت وتنتقل من شخص إلى آخر، على الأقل في إسرائيل. وقد حظيت أغنية أطلقها كحلني مع الفنان ريف بإعجاب عشرات آلاف من المشاهدات وتحولت لتصبح جزء لا يتجزأ من قائمة الأغاني التي تسمع في البارات والنوادي. وربما الأكثر من كل هذا هو أن هذه الأغنية تبين الصفات المثيرة والفرحة في الألحان العربية، وهو استعمال لم يستخدم بشكل كاف في مناطقنا.

الفنان ريف كوهين: جزء لا يتجزأ من قائمة الأغاني التي تسمع في البارات والنوادي.
في الواقع، إننا نعيش في الشرق الأوسط، ونحن محاطون بالثقافة العربية، وهذا يجعلنا نستغرب من أن اللغة العربية لا تزال جزءاً لا يتجزأ من المراجع المركزية في العمل المحلي. صحيح أن الغيتارة مع الموسيقى العربية هي أمر مفرح ولطيف، لكن يجب أن نعلم كيف نستغل الموارد الطبيعية الموجودة في إسرائيل، ويبدو أن الفنانين  قد بدءوا يستعملونها بشكل صحيح ومثير للاهتمام في الفترة الأخيرة فقط. ربما كان هذا نتاج لتأثير الزمن والوقت الذي يسمح للجمهور المحلي بأن يتواصل مع الأصوات التي لم يتعود عليها. إذا كان من الفنانين دودو طاسا وديكلا وعمير بنيون يرمزون إلى البداية وإلى دخول الفن العربي إلى السوق المحلي، يبدو أن الفنان كحلني يرمز إلى المستقبل والى الجيل المكمل. ليس من العبث أن ينجح الفنان كحلني بإثارة الاهتمام في أنحاء العالم. وكغيره من سائر الأمور، سوف يصلنا هذا الفن أيضا في يوم من الأيام، ولو كان متأخراً بعض الشيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts