maheronline

ماهر انلاين: موقع سياسي اجتماعي بختص في الأخبار السياسية والأحداث على الساحة العربية الإسرائيلية ونزاعاتها مع الدول الغربية وإيران وإسرائيل

الشريط الإخباري لموقع الجزيرة نت

الأحد، 6 مايو 2012

"لقد اجتازت إيران منذ زمن بعيد النقطة التي لا رجعة فيها"

"لقد اجتازت إيران منذ زمن بعيد النقطة التي لا رجعة فيها"
بعد أن عاد من رحلته إلى أمريكا الجنوبية، قرر الجنرال عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، ولأول مرة أن يتحدث عن التهديد الإيراني وربيع الشعوب العربية
بن كسبيت
شغل عاموس يدلين منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قرابة خمس سنوات. من الناحية الاستخباراتية، تعتبر هذه الفترة طويلة للغاية. رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هو بمثابة "المخمن القومي"، وهو المسئول الأعلى عن كل ما يعرفه قادة الدولة- وبالطبع كل ما لا يعرفونه. لربما كان هذا المنصب هو المنصب الذي يحمل في طياته أكبر قدر من المسؤولية. لقد أنهى يدلين وظيفته منتصب القامة دون أي كوارث بارزة، وحقق قدراً لا بأس به من النجاحات وحاز على تقدير وإعجاب من كافة الجهات.
لا عجب، إذن، أنه بعد زوال هموم المسؤولية عن كتفه، أن يصطحب يدلين زوجته ويخرجاً معاً في رحلة استكشافية لقرابة ثلاثة أشهر بين القمم الجليدية في بتاغونيا في أمريكا الجنوبية، حيث بلغت الرحلة ذروتها في منطقة "بيتش رويت" المشهورة.
حول ذلك يقول يدلين: "يقوم كل جندي تم تسريحه للتو بحزم أمتعته والسفر إلى أمريكا الجنوبية.  لماذا لا أفعل ذلك أنا أيضاً، مع أن ذلك جاء متأخراً بعد 30 سنة؟" أما الأشخاص الذين يشاهدون رجلاً راشداً يطلق لحيته ويضع على رأسه قبعة سومبررو وهو يتنزه بين الجبال، فلم يكن بوسعهم أن يظنوا بأن هذا هو رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
وحول المهام الملقاة على عاتق رئيس الاستخبارات العسكرية، يقول يدلين: "هذا منصب من أهم المناصب في الدولة وأكثرها تحملاً للمسؤولية. رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هو أكثر من رئيس المخابرات؛ إنه الشخص الذي يتحمل المسؤولية القومية لتقييم نوايا العدو وقدراته، وكذلك لحملات تجميع معلومات استخباراتية معقدة وخطرة للغاية. إنها مسؤولية تثقل كاهله طوال الليل والنهار.
أنت لا تتحملها وحدك، حيث يقوم بخدمتك آلاف الأشخاص، من النخبة في هذه الدولة، وهم الذين يواجهون قائمة طويلة للغاية من الدول والمنظمات التي تستثمر الـ 365 يوماً في السنة بأكملها وساعات اليوم الـ 24 بطولها، من اجل المساس بدولة إسرائيل. عليك أيضاً أن تحذر بشأن أمور يمكن أن تحصل، وأن تحذر من الأمور التي سوف يتم تنفيذها ضد الدولة، وكل ما يخص النشاطات الوقائية التي تنوي الدولة أن تنفذها. وفي حال اندلاع حرب، عليك أن تقدم المعلومات الاستخباراتية التي تؤدي إلى حسم الحرب بأسرع ما يمكن وعلى أفضل وجه.
"لا يمكنك أن تنام ملء جفونك في الليل، لأنه يمكن للهاتف أن يرن في أي لحظة، لكن في نهاية المطاف يوجد تحت إمرتك نظام يعمل بتوافق ومكون من نخبة من الأشخاص يسهرون في مهامهم حتى لو كنت أنت نائماً. كل ما فعلته في شعبة الاستخبارات العسكرية لم أفعله وحدي. لقد عمل معي أشخاص مهنيون، اثنان منهم حصلا على رتبة جنرال الآن (نيتسان ألون ويوسي بيدتش)، وآخرون سوف يحصلون على ترقيات في وقت لاحق، لكننا لا نتحدث هنا عن الجنرالات فحسب، بل نتحدث عن جنود من كافة الرتب، وعندما يذهب رئيس شعبة المخابرات للنوم يبقى هؤلاء متيقظين ويستمرون بمراقبة العدو وتقديم الإنذارات عند الحاجة.
"لكن الإنذار هو ليس كل شيء. في الوقت الحاضر، يعتمد النصر في الحرب بشكل مطلق على الاستخبارات العسكرية. يوجد لدى دولة إسرائيل عشرات آلاف من الرؤوس الموجهة التي يتم إطلاقها من الجو  والبحر والبر. يجب أن يكون لدى دولة إسرائيل مئات من الأهداف التي تحسم الحرب في حال اندلاعها لكي تصيب هذه الرؤوس الموجهة أهدافها بدقة. هذه مسؤولية كبيرة ملقاة على شعبة الاستخبارات العسكرية. هذا موضوع تتم معالجته على مر السنوات بالعمل الشاق والمضني كي نضمن أنه في اليوم الذي تندلع فيه الحرب، سوف تحقق دولة إسرائيل انتصاراً قوامه الدمج بين المعرفة الاستخباراتية الدقيقة والقوة الضاربة للنيران الموجهة."
ما هي طبيعة العلاقات بين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية والمسئولين عنه؟
في رده على هذا السؤال، يقول يدلين: "يجب على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أن يتمتع بقدرات فكرية لتحليل الوضع اعتماداً على المواد التي يتم جمعها، ويجب كذلك أن يتحلى بالجرأة الفكرية ليفصح عن الأمور كما هي عليه، مع انه  لا ينبغي على المسؤول سماع الأمور كما هي في بعض الأحيان."
هل حدث هذا معك أثناء توليك لمنصبك؟
"نعم. هناك ثلاث شخصيات مسئولة عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وهؤلاء هم رئيس هيئة الأركان، وهو المسئول المباشر، ووزير الدفاع ورئيس الحكومة. كما تعرف، العلاقات لم تكن مستقرة على الدوام بين هذه الشخصيات الثلاثة في السنوات الأخيرة. عندما يدلي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بتصريحات ما، هناك واحد على الأقل من بين هؤلاء الثلاثة لا يعجبه ما قد قيل. قدرة الالتصاق بالحقيقة المهنية بالنسبة لك والحفاظ على استقامتك كرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، هي في نظري أمر مهم للغاية."
هل وضعت في مثل هذا الاختبار؟
"أظن أنني وضعت في عدد من الاختبارات، وعندما يتم فتح البروتوكولات أعتقد أن العلامة التي سوف أحصل عليها سوف تكون عالية. لقد شغلت المنصب فترة طويلة جداً، خمس سنوات، وهذه المدة هي حسب اعتقادي الفترة الزمنية المطلوبة لوظيفة من هذا النوع. خمس سنوات هي مدة كافية لعمل تغييرات في الثقافة الإدارية، ولكن بعد خمس سنوات كرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية يجب أن تتخلى عن المنصب، كي لا تزيد الثقة في النفس أكثر من اللازم، وكي لا يخلط - لا سمح الله - ما بين ما هو مسموح بأن يفعله العدو، وكيف يجب التصرف في الداخل. يوجد هنا أنظمة وقواعد ونظم عمل مختلفة كلياً، ولذلك عندما تركت المنصب، كان لدي شعور بالوصول لإنجازات وتحقيقي لتوقعاتي من نفسي. أظن أني لم أخيب ظن أولائك المسؤولين عني أيضاً. لقد كانت تربطني علاقات ثقة وتقدير مع رئيسين للحكومة وثلاثة وزراء دفاع وقائدي أركان، وصدقني هذا ليس بالأمر السهل."
إيران لا تثير المشاكل
عاموس يدلين هو من مواليد كيبوتس حتسريم، وجده هو دافيد الكوهين الذي كان عضواً في الكنيست الأولى وحتى عام 1969. والده هو أهرون يدلين الذي شغل منصب وزير التربية. يبلغ عاموس من العمر 61 سنة، وهو طيار حربي حظي بالتقدير، وهو رجل منضبط ورزين.
لقد ترك منصبه كرئيس لشعبة الاستخبارات العسكرية قبل حوالي سنة. اليوم يشغل عاموس يدلين منصب رئيس معهد أبحاث الأمن القومي (INSS). لقد وصل إلى هذا المنصب باختياره. على العكس من العديد من زملائه، لم يتوجه يدلين ليرعى شؤونه الشخصية. الدولة هي بيته. لقد فضل أن يستمر بالعمل بما يفهم فيه وأن يواصل العطاء والمساهمة.
يدلين شخصية مؤدبة، وحسن المظهر، يتكلم بلباقة، ويفضل الابتعاد عن الإعلام. ينظر يدلين بإعجاب إلى البعض من زملائه الذين لم يتوقفوا عن الكلام منذ تركوا مناصبهم. ليس بالضرورة أن يحمل أفكاراً مختلفة، لكن أسلوبه مختلف. غالباً ما تكون أقوال يدلين ذات تقدير أقل. هذا هو طبعه، لذلك اقرءوا بتمعن ما يقوله، اقرءوا الأسطر وما خلفها وما بينها أيضاً، وتذكروا أن يدلين يقول لكم جزءاً بسيطاً فقط مما يقلقه.
يوجد على جدار غرفته ثلاث وثائق معلقة: شهادة من جامعة هارفارد، وصورة من مكوك الفضاء الأمريكي وهو ينطلق في داخل غيمة من الدخان مع إهداء خاص من صديقه ايلان رامون، وصورة غلاف مجلة "تايم" وفيه صورة لطائرة إف 16 إسرائيلية فوق مسادا.
يقول يدلين: "الطيار في هذه الطائرة هو أنا"، اسمع هذه القصة: في عام 1979، قبيل وصول طائرات إف 16 الأولى من الولايات المتحدة، أرسل إلينا الأمريكان صورة عن المواصفات الفنية لطائرات إف 16 وهي تطير فوق مسادا. لقد أحببت الصورة. وبعد سنة، أي بعد أن وصلت الطائرات، وجدت نفسي أحلق بواحدة منها فوق مسادا. لقد كانت هذه الطائرة تحمل الرقم 107. رقم 2 خاصتي، وفجأة تحدث إلي "دوبي" عبر اللاسلكي بأنه ربما يجب أن نقوم بتجسيد الصورة التي أرسلوها إلينا، وهكذا حلقت فوق مسادا وصورني من طائرته. هذه هي الصورة هنا، على غلاف مجلة "تايم".
لا يعلم يدلين كيف حصلت "تايم" على الصورة. لقد ظهرت على غلاف المجلة مباشرة بعد أن قامت إسرائيل بتدمير المفاعل النووي العراقي في "حملة أوبرا". كان يدلين أحد الطيارين الذين شاركوا في هذه الحملة في العراق على متن الطائرة ذاتها، تماماً مثل تلك الرحلة التي حلق بها فوق مسادا.
لقد جرى اللقاء مع يدلين يوم الاثنين من هذا الأسبوع، وقد صادف ذلك  إلغاء المناورات العسكرية المشتركة ما بين إسرائيل والولايات المتحدة، مما فاجأ الكثيرين في المؤسسة الأمنية. لم يفهم يدلين تماماً سبب ذلك، ويقول في هذا الصدد: "لقد كان هذا تمريناً دفاعياً ودوافعه سلمية وسياسية واضحة. لا يعقل أن يكون هناك تمرين أكثر ملائمة منه الآن في هذا الوقت، ولذلك أنا متفاجىء إلى حد ما من قرار إلغائه. لقد كان لهذا التمرين أن يرسل رسالة دفاعية مفادها التزام أمريكي للدفاع عن إسرائيل. قد يكون هذا الإلغاء من قبل أي من الطرفين، وفي نظري لا أعتقد أن هذا الإلغاء من الصواب."
هل يوجد على أقل تقدير اتفاق على الجدول الزمني النووي الإيراني بين إسرائيل والولايات المتحدة بعد كل الخلافات التي ظهرت في الماضي؟
إن الخوض في الجداول الزمنية يبعدنا عن صلب الموضوع. الجدول الزمني هو جزء من الصورة فقط. يجب أن نرى الصورة بأكملها. تعال لنحلل كافة المعايير. هل تنوي إيران أن تطور سلاحاً نووياً؟ لقد شكك تقييم وكالة الاستخبارات الأمريكية في عام 2007 بهذا الأمر، لكنني أعتقد أنه منذ ذلك الوقت اقتربت آراء الاستخبارات الأمريكية من وجهة النظر الإسرائيلية بخصوص مواصلة الإيرانيين سعيهم للحصول على السلاح النووي بكل ما لديهم من قوة. الإثبات القطعي لصدقنا هو من خلال التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي. لذلك، يوجد الآن نوع من التقارب بخصوص هذه الأمر ما بين إسرائيل والولايات المتحدة. السؤال الثاني هو ما هي الإستراتيجية الإيرانية في مسألة الوصول إلى القوة النووية. نحن نرى أن التقدم الإيراني إلى السلاح النووي لا يتم بالسرعة الممكنة.
"الإيرانيون ماضون بكل قوتهم للحصول على قوة نووية عسكرية" تصوير: رويتيرز
نقطة لا رجعة فيها
"في الوقت الراهن،  تمتلك إيران كافة المقومات التي تحتاجها من أجل الحصول على السلاح النووي. وفي في الماضي كان الإيرانيون يقولون إن هذا الأمر يشكل نقطة لا رجعة فيها. لو اجتمع الإيرانيون اليوم في المساء وقرروا أنهم سوف يتخلون عن الميثاق الدولي، أو أنهم يطورون قنبلة نووية بشكل سري، فإن لديهم كافة الوسائل والمقومات للقيام بذلك. ولذلك لا يتعلق الجدول الزمني بالرزنامة التقليدية، وإنما بقرار إيراني، وبمحفز، وبالخروج عن إستراتيجيتهم الحالية التي تنص على السعي ببطء وثبات بدلاً من دفع الثمن بدلاً من استخدام وتيرة النهج السريع. حالياً هم يتقدمون ببطء، كي لا يدفعوا ثمناً باهظاً من ناحية دبلوماسية ومن ناحية العقوبات. إنهم يتقدمون بوتيرة تشبه الزحف تحت غطاء من الشرعية التي تسمح لهم بالتقدم زحفاً إلى الأمام، بحيث تصبح كل خطوة من قبلهم غير مثيرة بدرجة كافية الطرف الآخر ولا تثير الاهتمام للقيام بعمل حاسم ضدهم. توافق كل من إسرائيل والولايات المتحدة اليوم على أن هذه هي الاستراتيجية الإيرانية.
"لذلك، من ناحية الجدول الزمني، لا يمكن القول اليوم بأنهم سوف يملكون قنبلة نووية ما بعد عام 2000، لأن ما يجب تقديره هو كم من الوقت سوف يحتاجون للوصول إلى قنبلة منذ لحظة اتخاذهم القرار بواسطة الاختراق أو التسلل نحو الحصول على القنبلة. هنا أيضاً، الولايات المتحدة وإسرائيل متقاربتان جداً في هذا الشأن."

وكم يحتاجون من الوقت للاختراق أو التسلل؟
"هذا يتعلق بكمية أجهزة الطرد المركزي التي سوف تكون بحوزتهم عندما يقررون. الهدف بالنسبة لإيران هو أن يكون هذا الوقت قصيراً جداً - أقصر من الوقت الذي سوف تستغرقه الدول للعمل ضدهم واتخاذ القرارات ومن ثم تنفيذها، وبعد أن يتم اكتشاف الاختراق من قبل الإيرانيين، نقدر بأنه سوف يتطلب نحو سنة من أجل تخصيب اليورانيوم من مستوى تخصيب منخفض وحتى مستوى تخصيب عسكري، وهم بحاجة لـ 3000 جهاز طرد مركزي من أجل إنتاج ما يكفي من المواد لتصنيع قنبلة في سنة واحدة. في هذه المرحلة لا يوجد لدى الإيرانيين العدد الكافي من أجهزة الطرد المركزي التي يحتاجون إليها، بحيث يكون بوسعهم أن يقوموا بالاختراق في وقت قصير جداً. الفرق بين إسرائيل والولايات المتحدة ينبع بالأخص من مسألة وضع الخط الأحمر الذي يتطلب القيام بعمل وتدخل، فبينما تدرك إسرائيل أن الخط الأحمر يتمثل في قدرات وإمكانيات إيران بالاختراق، يشير الأمريكيون إلى أن الخط الأحمر على مسافة أبعد من ذلك بكثير."
في الواقع، أنا أفهم من كلامك أن الخط الأحمر بالنسبة لإسرائيل قد تم تجاوزه منذ زمن من قبل إيران.
" أود أن أعرف "الخط الأحمر"، لأنه عندما يتم اختراقه، فهذا يعني أنه يجب القيام بعمل ما. تجاوزا إيران العتبة التكنولوجية، كما تم تعريفها في حينه، وقد حدث ذلك في وقت ما بين السنوات 2007 و 2008. هذا ليس بالأمر الجديد. يمكن للولايات المتحدة أن تسمح لنفسها بخط أحمر أبعد بكثير، لأنها قوة عظمى ولديها قدرات إستراتيجية ليست موجودة لدى إسرائيل."
لنعود قليلاً إلى تقييم الاستخبارات الأمريكية في العام 2007، الذي كان غريباً وبعيداً عن واقع الأمور، وفجأة هم يقولون بأنه لا يوجد برنامج نووي عسكري إيراني ويسكبون الماء البارد علينا جميعاً. ماذا حدث لكم في تلك السنة؟
"اسمعني. نحن نحترم جداً وكالة الاستخبارات الأمريكية. الميزانية التي يستثمرونها في الاستخبارات العسكرية في كل سنة كبيرة للغاية. في عام 2007، بلغت ميزانية الاستخبارات الأمريكية 44 مليار دولار، واليوم نحن على علم بأن هذه الميزانية تقترب من 80 مليار دولار في السنة."
تخيل لو أن شعبة الاستخبارات العسكرية تملك مثل هذه الميزانية.
"يكفينا ثمانية مليارات من الدولارات. لكن بما أننا نقدر عالياً الاستخبارات الأمريكية، أخذنا ذلك التقدير على محمل الجد واستعملناها على أنها ناقوس إنذار، وذهبنا لنفحص تقييماتنا من جديد."
"اليوم تتمتع إيران بكافة المقومات التي تحتاجها للوصول إلى السلاح النووي" تصوير أرشيف: أي-بي
هل قمتم بفحص ذاتي؟
"تماما بهذا النحو، عدنا إلى المواد وطاولة العمل وفحصنا أنفسنا من جديد، لربما كان التقدير الأمريكي صحيحاً. بعد كل هذا العمل المضني، الذي لا يسعني وصفه هنا، وقررنا ألا نقبل بالتقدير الأمريكي وأن نبقى متمسكين بتقديراتنا بخصوص تصميم الإيرانيين على التمسك بالمشروع النووي العسكري الخاص بهم. قدمنا موقفنا من جديد أمام كل صناع القرارات في البلاد، وأظن أنه في عام 2007 كان الأمريكيون تحت وطأة صدمة 2003، حين قدروا قدرات صدام حسين بطريقة مبالغ فيها عما هي عليه في واقع الأمر، وتبين بأنه لم يكن يملك أسلحة للدمار الشامل.
"يمكن أن يخطىء رجال الاستخبارات العسكرية في أمرين، إما في قلة التقييم أو في زيادة التقييم. في عام 2001 أصيب الأمريكيون بقلة تقدير حول تنظيم القاعدة، مما أدى إلى تعرضهم لأصعب العمليات الإرهابية. ومن ثم في عام 2003 كانوا في زيادة تقدير في العراق، وفي عام 2007 تحت الصدمة التي عايشوها في العراق، عادوا إلى قلة التقدير مقابل إيران. يجب الحذر من مثل هذه الأخطاء. أنا أحب الفلسفة الاستخباراتية وفقاً للتعريف. أنت لا تعرف كل شيء. أنت تقوم بتجميع قطع البازل الذي يحتوي على الكثير من القطع الناقصة. يجب على رجل الاستخبارات أن يركب البازل على الرغم من أنه لا يملك دلائل قاطعة يمكن استعمالها في المحكمة، فوق كل شك معقول. في عام 2007 كان التوجه الأمريكي هو محاولة لخلق تقدير استخباراتي يمكن أن يقف في وجه كل شك معقول."
إذن في الواقع هم حاولوا أن يطبقوا قوانين القضاء الدولي المتشدد على المخابرات الإيرانية؟
"بالضبط هكذا"
ما هو الضرر من ذلك التقييم الاستخباراتي الخاطئ في عام 2007؟ ربما لو كان التقدير على خلاف ذلك لقام الرئيس بوش بتوجيه ضربة لإيران في نهاية ولايته؟
"أشك في ذلك. لم يكن الضرر المترتب على التقدير الخاطىء يتعلق بمسألة الهجوم، كما أنني أظن أن الهجوم يجب أن يكون الخيار الأخير. كان من المهم تشديد العقوبات وربما لو تم هذا قبل ثلاث سنوات، وبدرجة أكبر من العزيمة والتصميم، لكنا قد حصلنا على نتائج أكثر نجاحاً وما كنا بحاجة لنتحدث اليوم عن مسألة الهجوم. لقد مكن التقدير الأمريكي الروس والصينيين والأوروبيين من عدم تشديد العقوبات الاقتصادية، وهكذا اشترت إيران لنفسها متسعاً من الوقت. هذه هي إستراتيجيتهم على الدوام التي تتمثل في  كسب المزيد من الوقت، والمضي قدماً.
عندما توليت منصبي كان لديهم عدد قليل من أجهزة الطرد المركزية التجريبية. ومع مرور الوقت اكتسبوا عددا أكبر فأكبر، واليوم يوجد لديهم نظام كبير جداً منتشر في عدة مواقع. لقد طوروا المفاعل في محطة بوشهر، وهو مسار بلوتوغيني، ولديهم مسارات أخرى إضافية. يخلط الناس بين الأمور ويقولون إنه يوجد أيضاً مفاعل في محطة نانتاز، لكنه تبين أنه موقع للتخصيب، وهذا مسار منفصل، وما يقومون به هو أنهم يقومون بصنع مسارات عديدة وبديلة، بحيث أنه في حال تم ضرب إحدى هذه المسارات، تستمر المسارات الأخرى بالعمل. لديهم برنامج مكشوف وبرنامج سري، كل ما كشف من قبل الغرب ينتقل من السرية إلى العلنية، تحت قصص تغطية تم إعدادها مسبقاً. لقد أدخلهم المفاعل في بوشهر إلى عالم المفاعلات النووية، وهناك مفاعل إضافي يقومون بإنشائه في مكان يسمى أراك. هذا موقع سري، إنهم يقومون بإنشائه دون مساعدة من الروس، ولا شك بأنه يمكن أن يستعمل في البرنامج النووي العسكري."
ما هو المقصود من تشغيل الموقع لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى مرتفع في مدينة "قم"، والذي يتمتع بتحصين وهو موجود بأكمله في باطن الأرض تحت جبل كبير؟
"الموقع في مدينة "قم" هو مثال ممتاز لكيفية سير الأمور بالنسبة للإيرانيين، حيث أنه كان موقعاً سرياً، وعندما كشف أمره من قبل وكالات الاستخبارات المختلفة، أدرك الإيرانيون بأنه قد كشف أمرهم وأعلنوا عنه بأنه جزء من البرنامج المكشوف الخاص بهم الموجود تحت المراقبة. بداية العمل هناك هي بالفعل خطوة أخرى إلى الأمام بخصوص القدرة الإيرانية على توزيع المنشآت النووية بأكبر قدر ممكن وحمايتها. إنهم يتقدمون على الدوام ويكتسبون المزيد من أجهزة الطرد المركزي والمزيد من المواد، وهم ينتظرون اللحظة الملائمة من أجل الانطلاق إلى الأمام. يمكن أن تأتي هذه اللحظة عندما تكون القوة العظمى على المستوى العالمي متورطة في مكان آخر، لنفترض في كوريا الشمالية أو في باكستان، ويمكن أن تأتي عندما يقررون بأن الوقت الذي سيستغرقهم في السباق نحو الوصول إلى قنبلة سوف يكون أقصر من الوقت الذي سيستغرقه العالم من أجل العمل ضدهم."
"أدرك الإيرانيون بأنه قد كشف أمرهم وأعلنوا عن جزء من البرنامج المكشوف الموجود تحت المراقبة"، الموقع الموجود تحت الأرض بالقرب من مدينة "قم" تصوير أي-بي
الناحية الصحيحة من التاريخ
هل تعلم ماذا يدور في رأس خامنئي وأحمدي نجاد؟ ماذا يريد هؤلاء الأشخاص؟
" لم تنجح حتى المؤسسة المتفوقة مثل شعبة الاستخبارات العسكرية في تطوير "قارئ أفكار". نحن نعرف ماذا تقول القيادات الإيرانية، وماذا تكتب، وكيف تعبر، ولكننا لا نعرف كيف نخترق ما يدور في رؤوسهم، وأظن أنه يجب أن نحذر من ذلك. نحن نلاحظ توجهات أصلية، ليست مجرد دعاية، تؤمن بأن الإسلام كما يُنظر إليه في إيران هو ثقافة أفضل، وأكثر صدقاً، وأنهم موجودون في الجهة الصحيحة من التاريخ. إنهم ينظرون إلى الغرب على أنه عالم مدلل وفاسد وفاقد لرغبته، وأحياناً ينظرون إليه على أنه فاقد لقدرته على المحاربة من أجل ما يؤمن به. إنهم يرون في أنفسهم أشخاصاً مستعدين للتضحية بأنفسهم، وبنظرهم فإن الزمن يدور لصالحهم وثقافة الإسلام في علو بينما اليهودية والنصرانية في انحدار."
يوجد لديهم ما يستندون إليه، أليس كذلك؟
"في العامين الماضيين تراجعت قوتهم. حتى الشعب الإيراني لم يعد يؤمن بهذه القصة بعد الآن، كما رأينا في الاضطرابات في عام 2009. أكثر من ثلثي الشعب الإيراني ولد بعد ثورة الخميني، ولا يمكن أن نتهم الشاه بما يحدث اليوم في إيران. ملايين الإيرانيين ينظرون من حولهم وليسوا راضين. إنهم يرون دولة يستشري فيها الفساد وفيها فروقات كبيرة بين الطبقات - دولة تتحول لتصبح من الدول الأكثر عزلة في العالم، وحتى عندما اندلع ما سمي بربيع الشعوب العربية قبل نحو سنة، حاول الإيرانيون في البداية أن يسوقوا  هذا الربيع كنصر كبير للثورة الإسلامية ولروح الثورة، وسرعان ما اكتشفوا بأنهم على خطأ، عندما وصلت الأمور إلى سوريا، فتبدلت ابتسامات القادة الإيرانيين بتجاعيد القلق."
قنبلة نووية في إيران هو أمر يمكن أن تعيش إسرائيل في ظله؟ إلى أي درجة يمكن أن نتحدث عن خطر وجودي؟
"أنا أرى أن الدمج بين نظام حكومي متطرف في إيران يدعو بشكل علني إلى مسح دولة إسرائيل من على الخارطة، ويمتلك سلاحاً غير تقليدي مثل السلاح النووي، بمثابة التهديد الوحيد على وجود إسرائيل. لدولة إسرائيل قوة كبيرة، ولديها جيش عصري، من الأقوى والأفضل في العالم، ويمكنها مواجهة تحالفات قد تقوم ضدها سواء من قبل جيرانها أو من قبل قوى الإرهاب، كما أثبت أنا بنفسي من قبل. على سبيل المثال، لم أعتقد بأن الإرهاب هو تهديد للوجود، كما كانوا يعتقدون في بداية العقد المنصرم، وعندما قال رئيس الأركان في حينه، بوغي يعلون، لم أفكر بذلك النحو. بالمقابل، السلاح النووي بيد من ينادي بتدمير دولة إسرائيل هذا هو تهديد محتمل لوجودنا، مع التشديد على كلمة محتمل.
"يمكننا أيضا العيش مع مثل هذا التهديد، لكن في حال أنه أصبح واقعاً، نتحدث هنا عن تهديد خطير جداً. لا أظن أن الإيرانيين سوف يقومون بإطلاق صاروخ نووي على تل أبيب في اللحظة التي يحصلون فيها على قنبلة نووية. نحن لا نتحدث عن هذا السيناريو. لكن عندما يكون بيد الهنود قنبلة كهذه أنا أنام بطمأنينة، ومقابل ذلك في حال أن إيران تملك مثل هذه القنبلة، لا أنام بطمأنينة، لأنه يمكن أن تتطور أوضاع مختلفة قد تحصل فيها مواجهات في منطقتنا، وفي ظل تدهور وتصاعد وسوء تقدير الحسابات المختلفة، يمكن في نهاية المطاف أن تؤدي هذه الظروف إلى تهديد نووي قد يشكل خطراً على إسرائيل.
"عدا عن ذلك، كون إيران دولة نووية هذا يعني شرق أوسط نووي. لن يدع أبناء السنة إيران تكون القوة النووية الوحيدة في المنطقة، فالتسلح النووي من قبل السعودية ومصر وتركيا والعراق- هذا ليس بالأمر المقبول علينا في مثل هذه الحالة. إذا أصبح الجوار الذي نسكن فيه نووياً، فإن احتمال أن يصل مثل هذا السلاح إلى أيدي الإرهابيين يصبح أكبر.وجود إيران نووية سوف يؤدي إلى سيطرة قوة واحدة في الخليج وكل من يخشى اليوم من ارتفاع أسعار النفط بسبب حدث هجومي معين، يجب أن يعرف أن سلاحاً نووياً بيد إيران يمكن أن يرفع أسعار النفط وأن يبقيها بمستوى عال لسنين طويلة. لذلك اعتقد أن وجود إيران نووية هو تطور استراتيجي شائك وينطوي عليه العديد من المشاكل بالنسبة لنا."
هل يجب استعمال كل الأساليب لمنعها؟
"لا ينبغي أن تكون إسرائيل في الواجهة. إيران نووية هي مشكلة بالنسبة لمعظم الدول في الشرق الأوسط وللمجتمع الدولي ككل. إنها تشكل خطراً على ثبات واستقرار العالم، وموارد الطاقة، وهذه مشكلة عالمية. لا ينبغي على إسرائيل أن تقف على رأس التلة في مواجهة إيران النووية. هناك إستراتيجيات عديدة لمواجهة مثل هذا الوضع، ولا تأتي الواحدة بدلاً من الأخرى، إنما تدعم الواحدة الأخرى. يبدأ هذا التكتيك في المفاوضات، وفي العقوبات الاقتصادية، وفي خطوات تكاد تكون بمثابة إعلان حرب، وفي الحرب السرية، وفي الحصار البحري، وفي العقوبات التي تؤدي إلى شلل الدولة العدوانية."
حسنا، الحرب السرية تدور رحاها الآن، أليس كذلك؟
"مقابل الحرب السرية، حتى ولو أنها تدور الآن، يجب أن ننظر بنظرة مهنية وأن نرى على ماذا نحصل من جراء ذلك. الأمر المهم هو أن نفهم هل يغير الإيرانيون من سياستهم وهل هم على استعداد لإيقاف تقدمهم نحو الحصول إلى قنبلة؟ كل وسيلة يتم استعمالها ضدهم، يجب يتم فحصها بعد ذلك باستقامة مهنية لنرى فيما إذا قد تم التوصل إلى الهدف المنشود. فيما يخص موضوع العقوبات، يفترض أن تكون المرحلة التالية استهداف المصرف المركزي الإيراني وصناعة الطاقة هناك. هذه هي عقوبات مؤلمة بالفعل، مع احتمال تحقيق نتيجة إيجابية. وأنا أخشى من أن هناك تردد في تطبيق هذه العقوبات في هذا التوقيت. يجب أن نفهم بأن العقوبات من هذا النوع سوف يكون لها تأثير بعيد المدى على حلفاء أمريكا أيضاً، مثل كوريا الجنوبية واليابان، المرتبطتين في اقتصادهما بالنفط الإيراني. هناك حاجة لفترة من الوقت من أجل استبدال هذه المصادر إلى مصادر طاقة أخرى غير النفط، وهذا ما تفعله الولايات المتحدة الآن."
السؤال المطروح هو: هل لدينا متسع من الوقت؟
"بالنسبة للجدول الزمني أنا من أولائك الذين يصنعون جواً مفاده بأن الوقت لم ينته. في حال قررت الولايات المتحدة أن الإيرانيين قد تجاوزوا الخطوط الحمراء بالنسبة لها، عندئذ يكون لديها الوقت أكثر مما يوجد لدى الدول الأخرى التي تفكر بشأن القيام بعمل ما ضد إيران."
إذن ... أين مكانك أنت من الجدل بين مئير دغان وبين نظرة باراك-نتنياهو وسياسة "أمسكوا بي"؟
"أعربت عن رأيي بالنسبة لخطورة إيران النووية. يجب أن نستنفذ كافة الإمكانيات لعلاج المسألة النووية بأشكال ليست عسكرية. مع هذا، فإن الخيار العسكري، وأنا هنا أقدم موقفاً مختلفاً عن موقف دغان، يجب أن يكون موضوعاً على الطاولة، وليس مجرد أن يوضع بصورة شكلية، إنما بصورة موثوق بها، بحيث يمكن دعمه من ناحية مهنية، وأن تكون نتائجه في حال تم استخدامه، مبررة لاستعماله. يجب أن نهتم بأن يكون ثمن العملية العسكرية، بالنظر إلى الرد الذي سوف يوجه ضدها، أقل من ثمن إيران النووية. هذه هي المعادلة وهذه هي المعضلة الحقيقية. لا نتحدث هنا عن السؤال فيما إذا يجب أن نهاجم أم لا، إنما كيف نوقف البرنامج النووي الإيراني بدفع ثمن أقل من الثمن الاستراتيجي لإيران النووية."
وهل يمكن القول بأن المؤسسة الأمنية  قادرة على أن تقدم مثل هذا الخيار العسكري؟
"إن المسألة الإيرانية مسألة معقدة ولا يمكننا أن نقارنها بالحدث السابق الذي تم فيه إيقاف برنامج نووي في دولة مجاورة (العراق) . لقد فوجئ صدام حسين آنذاك. الإيرانيون يستعدون لإمكانية أن يتعرضوا لهجوم منذ سنوات. برنامجهم منتشر في العديد من المواقع. الموضوع معقد جداً وهنا يجب الإشادة بسلاح الجو على كافة المستويات، وبالاستخبارات العسكرية، ورئيس الأركان وبالمستوى السياسي الذي قاد التفكير. سوف تكون دولة إسرائيل قادرة على مواجهة هذا الأمر في حال اضطرت إليه." قبل عدة أسابيع كنا معاً في منتدى سابن وهناك طرحت مسألة أن لا أحد يصدق الأمريكيين عندما يقولون إن كل الخيارات موضوعة على الطاولة. لقد تغيرت بعض الأمور منذ ذلك الوقت.
" لا أحد يصدق الأمريكيين عندما يقولون إن كل الخيارات موضوعة على الطاولة. لقد تغيرت بعض الأمور منذ ذلك الوقت." تصوير: منتدى سابن.
لا ينبغي أن نأسف لأن القذافي لم يعد في سدة الحكم في ليبيا
"صحيح، هناك تغير ملحوظ وذو أهمية في التصريحات الأمريكية. تصريحات وزير الدفاع بانيتا ورئيس الأركان ديمبسي، وتصريحات جدية مقابل التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز. بالمناسبة، يوجد هنا تغير جذري جوهري، حتى اليوم كان الإيرانيون يهددون بإغلاق المضيق في حال تمت مهاجمتهم، واليوم يهددون بالقيام بذلك في حال نفذت بحقهم عقوبات تؤدي إلى الشلل. أظن بأن هذا نتيجة شعورهم بالحر الذي يقترب منهم. بتقييمي، الأمريكيون يدركون أيضاً اليوم، بأن الخيار العسكري يجب أن يكون على الطاولة وبشكل ذي مصداقية، والتصريحات السابقة من قبل بانيتا ومن سبقه غيتس لم تساعد على ذلك. يوجد هنا تغير، وهو تغير جوهري. ومع ذلك، أعود وأشدد بأنه من خلال وجهة النظر الأمريكية ما زال هناك متسع من الوقت قبل أن يتم الانتقال إلى الخيار العسكري. لم يتم استنفاذ العقوبات حتى الآن."
هل يمكن القول بأن ربيع الشعوب العربية سيء لهذه الدرجة بالنسبة لإسرائيل؟
"الربيع العربي هو مصطلح مضلل. أنا لا أستعمله. الربيع هو فترة ازدهار وتفاؤل، لكن ما نراه في العالم العربي هو مسيرة سوف تستغرق سنوات طويلة. هذه مجرد البداية لمسيرة في أساسها، على المدى البعيد، وهي ليست بالأمر السيئ. أنا أفضل استعمال مصطلح "الصحوة العربية"، بالإنجليزية يطلقون على هذا الحراك "Awakeing"، وبالعربية كلمة "انتفاضة"، والتطرق إلى الصحوة العربية على أنه أمر سلبي تجاه إسرائيل هو أمر جارف أكثر من اللازم بنظري.
"توجد ثلاثة أبعاد: قصيرة ومتوسطة وبعيدة. على المدى القصير والفوري وعلى المدى البعيد توجد أيضا فرص لتحسين وضعنا الإستراتيجي. على المدى المتوسط يوجد عدد لا يستهان به من التهديدات. لقد كان العالم العربي يعيش في ظل جمود سياسي منذ سنوات طويلة ويرزخ تحت وطأة أنظمة حكم دكتاتورية اعتمدت على قوة الجيش والعسكر، والآن هو في مسيرة سيسمع فيها صوت الشعوب. سوف يكون التأثير للجماهير. الأصوات التي سمعناها في ميدان التحرير كانت مهمة وكان فيها قيم مثل الديموقراطية، والمساواة في الحقوق، وحقوق الإنسان، والحرية، وحقوق المرأة، وتطبيق القانون والنظام. ومؤسسات خاضعة لقوانين الموازنة والكبح. هذه هي القيم التي نعرفها، هذه هي قيمنا ويجب أن نفرح بأنها تتحول لتصبح قيمهم أيضاً."
نعم، لكن من كثرة القيم والمساواة، فإن الإخوان المسلمين والسلفيين اكتسحوا ثلثي البرلمان، وفي كل مكان حلت فيها مثل هذه الانتفاضة، كان الإسلام هو المنتصر في نهاية المطاف.
"مثل هذا التغير في القيم لا يحدث بين عشية وضحاها. هناك قوى أخرى ليست أقل قوة، كما نرى في مصر، وهي المسيطرة الآن. لكن أظن انه عندما يخرج هذا الجنّي من عنق الزجاجة، بمساعدة الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الدولية، سيكون من الصعب جداً إرجاعه إلى هناك. لقد أدرك العرب أن عليهم أن ينظروا إلى الداخل، إلى مجتمعهم، وهم يتحدثون عن هذا بشكل صريح وجلي. لقد أدركوا أن المجتمع يعيش في تخلف ويزحف وراء الغرب، وهم يُصنفون بعد المجتمعات الآسيوية المتطورة، وهذه أول مرة لا يتهمون فيها الاستعمار الغربي أو الأمريكيين أو الصهيونية بما ساءت إليه أمورهم. هذا تطور إيجابي. لا ينبغي أن نتأسف لأن قذافي لم يعد في سدة الحكم ولأن الأسد يكافح ليبقى على قيد الحياة."
لقد فقدنا مبارك أيضا على الطريق
"صحيح. على المدى القصير لا يجب أن نخشى من أي شيء، لأن العرب يعبثون ببعضهم البعض. أما على المدى المتوسط فقد نرى شرق أوسط يتضمن مشاكل أكبر. التوقعات التي تحملها الجماهير التي أسقطت مبارك والقذافي وربما قد تسقط الأسد، هي توقعات مذهلة سيكون من الصعب تحقيقها، وقد يحدث سخط وإحباط وقد ينفجر باتجاهنا. الانتقال من الدولة، كما لا ترغب به الجماهير، إلى رؤيا دولة أفضل سيكون صعب للغاية. ليس في التحرير فقط، إنما في شارع روتشيلد ومقابل بورصة وول ستريت يحدث هذا أيضاً. يجيد الناس القول مما هم ليسوا راضين عنه، الجميع موحدون حول ما هو ليس جيد، لكن عندما نتساءل إلى أين يجب أن نصل، هنا تبدأ الاختلافات في الرأي.
"الوضع في مصر اليوم أصعب بكثير مما كان عليه قبل سنة. الاقتصاد في جمود وتدهور، ومصر بحاجة لسبعة بالمئة من النمو لتوفر فرص عمل لمليون مصري ينضمون في كل سنة إلى دائرة الباحثين عن عمل، ومن أجل إطعام أكثر من 80 مليون فم ثلاث مرات في اليوم. منذ الثورة في ميدان التحرير ولد مليون مصري. فكر بهذه الأرقام. كذلك فقد انتكست السياحة، والمستثمرون يفرون بسبب عدم الاستقرار. لقد تضرر القانون والنظام. كلا المنظومتين اللتين أثرت بهما الثورة بأكبر درجة هما الشرطة ونظام الأمن الداخلي. من الصعب تطوير اقتصاد عصري في مثل هذه البيئة، ولذلك التحدي في وجه كل من سوف يتولى الحكم في مصر سوف يكون من دون شك تحدياً عظيماً."
"على المدى المتوسط قد نرى شرق أوسط يحمل في طياته مشاكل أكثر." حول الربيع العربي تصوير: أي-اف-بي
مصيدة الأسد
أسهل شيء سيكون استعمالنا بمثابة شماعة لتعليق كل المشاكل عليها ومن ثم إلغاء اتفاقية السلام.
"سوف تكون اتفاقية السلام تحت الضغط لتغييرها أو ربما لإلغائها. لكن يجب أن ننتبه بأن عكس اتفاقية السلام ليس بالضرورة الحرب. لا تربطنا بسوريا اتفاقية منذ 37 سنة ولا توجد هناك حرب أيضاً. أنا لست مع القول بأن ما كان في الماضي هو الأمثل. اتفاقية السلام مع مصر كانت بعيدة جداً عن الاتفاقية بين الولايات المتحدة وكندا. لقد كان هذا سلاماً بارداً جدا، سلام تربى فيه جيلين في مصر على قيم معادية لإسرائيل، وتكاد تكون هذه القيم على حدود العدائية للسامية.
"لم يشجع المصريون السائحين لديهم على زيارة البلاد، ولم يساعدوا رجال الأعمال. وسوف ينتقل هذا السلام البارد الآن من الثلاجة إلى حجرة التجميد، لكنه مع ذلك يبقى مصلحة واضحة لكلا الطرفين. لا توجد مصالح متضاربة ذات أهمية بين إسرائيل ومصر، ولا توجد نزاعات ولا نقاط احتكاك. لقد أنهينا النزاع على الأرض، لقد استعادوا كل الأرض حتى آخر سنتيمتر، بما في ذلك النفط وقناة السويس. إنهم يدركون الثمن الباهظ الذي دفعوه بسبب الحروب مع إسرائيل، والثمن الذي سوف يدفعوه في حال عادوا إلى طريق الحروب. لا يوجد لديهم أي مصلحة بالقيام بذلك، ولم نتحدث عن أن المساعدات الأمريكية سوف تتوقف في مثل هذا الوضع.
"الحرب هي أمر مكلف جداً، ولذلك ما سوف يحدث هو أنه ربما سوف نسمع الكثير من الكلام المنمق الذي لن يلقى استحساناً لدينا وسوف نرى مظاهرات ضدنا، وربما قد تصل الأمور إلى إعادة السفير، وهذا ما حدث مرتين مع مبارك أيضاً، لكن من هنا وحتى الحرب- الطريق ما زالت طويلة. الخطر من وجهة نظري، يكمن في سلسلة من الأحداث قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع، مثل التوتر في غزة أو وقوع عملية إرهابية في سيناء، وفي أعقاب ذلك يتم اتخاذ خطوات معينة قد تؤدي إلى تدهور وتفاقم الأوضاع حتى الوصول إلى نزاع ما بين الدولتين."
لو كنت رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الوقت الحاضر، هل كنت ستنصح بإقامة العصبة الجنوبية في جيش الدفاع من جديد، والتي تم تفكيكها في أعقاب التوقيع على اتفاقية السلام؟
"أعتقد أن المحيط الاستراتيجي الأكثر خطراً الذي نحن في انتظاره هو على المدى المتوسط، وعلى إسرائيل أن تعيد جزءاً من التقليصات في حجم القوات التي كانت لديها في سنوات الثمانينيات والتسعينيات، لكني لا أقترح إعادة كل ما كان، فهذا مبالغ فيه. يجب أن نحافظ على هوامش أمان. بالمناسبة، بالنسبة للجدل حول ميزانية الدفاع، لا أظن أن هذا هو الوقت المناسب لتقليص ميزانية الدفاع."
هل حكمنا على نهاية الأسد جاء مبكراً ؟
 "لم أكن من بين من قالوا بأنه قد انتهى. يجب أن نفصل بين ما نريد أن يحدث وبين ما يحدث في الواقع. كنت من بين الأوائل الذين قالوا بأن سقوط حكم الأسد هو أمر جيد بالنسبة لإسرائيل. ومع ذلك، لم أرتبك ولم أقل بأن الأسد قد انتهى. ما زال صامداً في الوقت الحالي. لقد أجرينا في حينه تحليلاً للعوامل التي تسقط الأنظمة في الشرق الأوسط: العامل الأول هو إخلاص الجيش. في مصر قام الجيش بتبديل الجبهات بسرعة كبيرة، وفضل أن يضحي بمبارك وأن يحافظ على مكانته كجيش وأن يحافظ على الشعب وتحالفه مع الجماهير. على العكس من ذلك،. في سوريا، الجيش مخلص بشكل شخصي للأسد.
"إنه (الجيش السوري) مؤسس في سلسلة القيادة وفي الفيالق المختارة من العلويين. ما لم نشهد فراراً بحجم ملحوظ، وما لم نشهد سحب أحد الجنرالات لفرقته العسكرية بأكملها، يمكن للأسد أن يواصل القتال. ويجب أن نضيف إلى ذلك الرخصة التي حصل عليها للقتل، والرخصة الدولية بذبح أبناء شعبه المتظاهرين. في مصر قرر الجيش منذ البداية أن يمنع إطلاق النار على المتظاهرين. القذافي كان يطلق النار على المتظاهرين، لكن الرخصة للقيام بذلك سحبت منه من قبل المجتمع الدولي. في سوريا هذا غير موجود. روسيا والصين تدافعان عنه في مجلس الأمن، وجامعة الدول العربية عاجزة، وحتى الأتراك الذي تحدثوا بنغمة هجومية لا ينتقلون إلى الأفعال، وهكذا نجح الأسد في المواجهة على مدى فترة طويلة من الزمن."
"ما لم نشهد سحب أحد الجنرالات لفرقته العسكرية بأكملها، يمكن للأسد أن يواصل القتال."
 تصوير: أي-ايف
إذن، هل سيسقط الأسد أم سيبقى؟
"لقد دخل الأسد في مسار شائك جداً. المعارضة ضعيفة، لكن إصرار المواطنين على الخروج للتظاهر بحماس في كل يوم جمعة، مع ما يواجهونه من قتل، أمر مثير للإعجاب. على مر الزمن، سوف يتسبب هذا في إحداث التصدعات في النظام. أضف إلى ذلك الاقتصاد. سوريا تنهار اقتصادياً. لقد توقفت السياحة، وتوقفت الاستثمارات. إنهم مرتبطون في هذه الأيام بصك مفتوح من إيران. أنا أتحدث عن مليارات- وعندما تسألني هل الأسد قادر على البقاء أم لا، يمكن للصك الإيراني أن يحسم هذه المسألة. أفضل أن أكون حذراً في توقعاتي بشان بقاء الأنظمة. لقد رأينا أنظمة حكم تنهار بين ليلة وضحاها دون أن يعلم أحد، ونحن نرى أنظمة كان يفترض أن تنهار منذ سنوات ولكنها باقية، مثل كويا الشمالية وكوبا. الأسد هو مثال يذكرنا بهذه الأنظمة. الدول التي يقف على رأسها حكام دكتاتوريون، وجيش قوي جداً ومخلص بشكل أعمى لا تحسب حساباً للمواطنين. طالما هناك حماية خارجية يمكنها أن تنجح بالبقاء."
كيف سيكون الوضع بعد سقوط الأسد، في حال سقوطه؟
"سوف تخرج سوريا من محور إيران المتعصب، وهذا تطور مهم جداً بالنسبة لنا. سوف يسيطر السنة فيها، لأنهم الأكثرية، واحتمال استمرار تحالفهم مع إيران وحزب الله منخفض للغاية. من ناحية أخرى، موقفهم تجاه إسرائيل لن يختلف بشكل جوهري عن موقف السنيين في مصر. على سبيل المثال،. كلما طالت مدة بقاء حكم الأسد في الحكم، زاد احتمال دخول سوريا في حمام دم وحرب أهلية. لو أن الأسد قام بنقل السلطة قبل ثلاثة أشهر، على سبيل المثال، عندها كان هناك مجال لنقل سلس للحكم وبشكل هادىء نسبياً.  كلما تأخر هذا، كلما زاد حجم العنف. لكن في نهاية الأمر سوف تستقر سوريا، لأن فيها أغلبية سنية واضحة. مصلحة هذه الأغلبية هي عدم وجود حمام دم وسفك للدماء، إنما خلق ائتلاف جديد مع الأقليات مثل المسيحيين والدروز وحتى العلويين. سوف يتوجب على سوريا أن تغير توجهها من الاعتماد على إيران والانفتاح باتجاهات أخرى، ربما باتجاه تركيا وأوروبا وحتى الولايات المتحدة. كل هذه التوقعات هي أمور ايجابية من ناحيتنا."
وحزب الله؟ هل يمكننا القول بأنه في حال انتهى الأسد سوف ينتهي حزب الله أيضا؟
"تعلق حزب الله بسوريا هو ليس بالنحو الذي كان عليه في الماضي. لقد كان الأسد الأب مسيطراً أكثر من ابنه بكثير. في السنوات الأخيرة تحرر حزب الله من القبضة السورية، والآن يعتمد بشكل رئيسي على إيران. إنه دعم أيدلوجي ومالي أيضاً، بحجم يبلغ نحو 600 مليون دولار حتى مليار دولار في السنة، هذا بالإضافة إلى الكثير من السلاح والتدريبات والخ. في الوقت الراهن، عندما يسيطر حزب الله على مطار بيروت الدولي، فإن أهمية مطار دمشق كمحطة ثانية قد تقلصت. يمكن أن يتدبر حزب الله أموره من دونها. ولذلك لا يوجد أي ضغط سياسي أو مادي على نصر الله كما هو موجه على بشار الأسد."
برأيك، هل علينا أن نغلق ملف تركيا، وأن نعتذر ونمضي قدماً؟
"لا أعرف بالتفصيل صيغة الاتفاق التي عرضت من أجل إنهاء المسألة. مما أعرفه أنه كانت هناك صيغة محسنة يمكن العيش معها، هل كانت هذه. الصيغة كفيلة بتغيير تصرف تركيا تجاه إسرائيل؟ لا أظن ذلك. ربما كانت لتعديلها قليلاً فقط، لكن التغير في الموقف التركي مقابل إسرائيل هو أعمق بكثير وبأخذ طابعاً إستراتيجياً بالدرجة الأولى، حيث أن الصيغة كانت معقولة، أظن انه كان من الصواب محاولة تقليل ارتفاع اللهب ما بين الدولتين ومنح الأتراك سُلماً يستعملونه لو أرادوا النزول عن الشجرة العالية التي تسلقوها، وأنا مقتنع بأنهم يودون ذلك.
"زيادة على ذلك، بنظري ما يهم هو عدم زيادة الفجوة والعداوة بين الشعب الإسرائيلي والشعب التركي. موقف أردوغان المعادي لإسرائيل معروف، لكن توجد علاقات طيبة بين الشعبين، وكان يجب أن يوجه الاعتذار بنظري تجاه الشعب التركي وليس تجاه قيادته. وشيء آخر، حيث أنه كان هناك طلب أمريكي مهم جداً في هذه المسألة، أظن أنه كان علينا أن نصغي لها. يوجد لدى أمريكا حليفان مهمان للغاية في المنطقة هما إسرائيل وتركيا، وهي تشعر بأن التوتر بينهما لا يخدم ما تحاول بناؤه في الشرق الأوسط مقابل الأعداء المشتركين مثل إيران، لذلك، عندما يكون الأمريكان ضالعين في الأمر ويقترحون صيغة يظنون بأنه يمكن الاتفاق عليها، يجب علينا أن نصغي لما يقولونه."
موقف أردوغان المعادي لإسرائيل معروف، لكن توجد علاقات طيبة بين الشعبين." تصوير أي-بي
الجمود على الصعيد الدولي
هل ماتت مسيرة السلام مع الفلسطينيين؟
"إنها قيد التجميد، وربما قد تخرج منه بعد دورات الانتخابات الثلاثة التالية في الولايات المتحدة وبعد انتخاباتنا وانتخابات السلطة الفلسطينية. لقد أثرت الصحوة العربية تأثيراً سلبياً على احتمال إخراج الاتفاق من الجمود. للوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين يجب أن تتحقق خمسة شروط متكاملة. يجب أن تكون قيادة إسرائيلية تضع الحصول على السلام مطلباً وهدفاً لها ومستعدة لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل ذلك، ويجب أن تكون هناك قيادة فلسطينية على غرار ما ذكر بالنسبة للقيادة الإسرائيلية، وهناك حاجة لدعم دولي لمسيرة السلام يجعل الأمر ينتقل من كونه لعبة بين فلسطين وإسرائيل مجموع نقاطها على الدوام يساوي صفراً، ويجب أن يتم وضع قيمة اقتصادية كبيرة على الطاولة مع امتيازات وتمويل دولي، ويجب أن تضعف القوى التي تعارض الاتفاق.
"عندما تفحص كافة هذه الشروط تجدها في انحسار. القيادة الإسرائيلية تنظر من حولها إلى الوضع وتقول إن مقترح الأرض مقابل السلام يواجه علامة سؤال كبيرة، والقيادة الفلسطينية، نتيجة للصحوة العربية، توجهت إلى التصالح مع حماس، والخ. الموضوع الإيراني والصحوة العربية دفعت بالمسيرة السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين إلى المكان الثالث، لكن في نهاية الأمر هذا موضوع لا يمكننا أن نتهرب منه وأن نخفيه على مدى فترة طويلة من الزمن."

لولا قانون الإبعاد عن السياسة، هل كنت ستتوجه إلى السياسة؟
"يوجد في دولة إسرائيل قانون سلطوي بخصوص الإبعاد عن السياسة ولا أظنه موجود في أي مكان آخر في العام. يمنعك هذا القانون من ممارسة أي نشاط عمومي في مجال السياسة لمدة أربع سنوات، لأنه يجب أن نضيف لفترة الإبعاد التي تبلغ مدتها ثلاث سنوات مدة سنة أخرى وهي عطلة التسريح، ولذلك اخترت معهد دراسات الأمن القومي ليكون المكان الذي يمكنني أن أواصل فيه مساهمتي والتأثير على صناع القرار أيضاً."

متى تنتهي فترة منعك دخول مجال السياسة؟
هل أنت ملائم لعالم السياسة؟ أنت مؤدب ولطيف، لكن المستنقع السياسي مليء بالتماسيح والثعابين، وسوف يأكلونك من دون ملح هناك.
"لقد جئت من منزل كانت تطغى فيه السياسة. جدي كان عضو كنيست في الكنيست الأولى ورئيس لجنة الخارجية والأمن. ووالدي كان يمارس العمل السياسي طوال حياته، وشغل منصب زير التربية في حكومة رابين، والسياسة ليست بالأمر الغريب بالنسبة لي. أنا أعرف عن قرب ماذا يمكن أن تنجز من خلال السياسة في التأثير على الجماهير، وما هو الثمن الذي يُدفع مقابل ذلك. أنا لا أستبعد أمور مستقبلية، عندما تنتهي فترة المنع، سوف أنضم لحزب سياسي، مع أن هذا ليس شغلي الشاغل."
"لقد أثرت الصحوة العربية بشكل سلبي على احتمال أخراج المسيرة من حالة الجمود." صورة من  ألأرشيف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts