maheronline

ماهر انلاين: موقع سياسي اجتماعي بختص في الأخبار السياسية والأحداث على الساحة العربية الإسرائيلية ونزاعاتها مع الدول الغربية وإيران وإسرائيل

الشريط الإخباري لموقع الجزيرة نت

الأحد، 13 مايو 2012

هيا نكفل بعضناً بعضاً

هيا نكفل بعضناً بعضاً

من الصعب أن نجادل في المعطيات: 11% من مجمل الأكاديميين هم من العرب، لكن تمثيلهم في قطاع الأعمال لا يكاد يصل إلى نسبة 2%. لا حاجة لأن تكون أكاديمياً كي تفهم لماذا يحدث هذا، لكن نحن بحاجة لأكاديميين لنغير هذا الواقع. هذا ما يقومون به في جمعية "مساواة في فرص العمل". 

فيرد كلنر

خمسة عشر شاباً وشابة يجلسون في شكل نصف حلقة في غرفة جانبية في إحدى بنايات جامعة تل أبيب، ينتابهم الخجل، تماماً مثل أي شخص يضطر فجأة وهو في مقتبل العمر أن يشارك في ورشة عمل تشمل ديناميكية المجموعة وألعاب اجتماعية ذات قوانين غريبة. حقيقة أننا نتحدث عن طلاب في موضوع تدقيق الحسابات. سوف يجلس هؤلاء الطلاب خلال سنة أو سنتين مرتدين ربطات العنق خلف الطاولات وسوف يغرزون أنيابهم بكل شغف في تقارير مالية على كافة أنواعها، وهذه بالتأكيد لا تساعد في إزالة الارتباك، هناك أيضاً مسألة تخص انتمائهم للوسط العرب وتعمل على تعزيز الشعور بعدم الانتماء.

لكن المرشد لا يتنازل بسهولة. حيث يقوم بتوزيع ورقة على كل واحد منهم، وفيها رقم أو إشارة. ويقوم بنثر 15 ورقة أخرى على أرضية الغرفة، تحمل الأوراق أرقاماً متتالية. قواعد اللعبة غير معقدة: على كل واحد أن يقوم برمي المكعب عندما يحين دوره، ويتقدم حسب الرقم الذي حصل عليه. لكن هناك أمر يجب الانتباه إليه: من يحصل على الرقم 5 أو 10، يضع قانوناً من عنده. يبدأ اللعب، وخلال دقيقة تمتلئ الغرفة بالقوانين الجديدة: من يصل إلى 6 يقفز إلى 14، ومن يصل إلى 15 يرجع إلى البداية. وعندما يصل أحد المشاركين إلى خط النهاية يعود الجميع إلى أماكنهم متنفسين الصعداء لانتهاء اللعبة.

آن الأوان لنفسر ما حدث: يتبين أن اثنين من بين المشتركين كان بحوزتهما بطاقة جوكر، تلك البطاقة التي سمحت لهما بأن يفعلا ما يحلوا لهما. يسألهما المرشد: "كيف كان شعوركما؟". فيجيب أحدهم: "شعرنا بالسيطرة". ومن ثم يتبين أيضاً أن الشابان اللذان لم يتحركا من مكانهما خلال اللعبة قد حصلا على بطاقة فارغة. يقول أحدهما "لقد شعرت أنني خارج اللعبة". والآخر يقول والابتسامة تعلو وجهه إن هذه كانت فرصة بالنسبة له كي أرتاح. ثم يسأل المرشد قائلاً: "بماذا يذكركم هذا في مجال حياتكم؟" فيجيب أحد المشاركين متهكماً أن هذا يذكره "بالدور في الصيدلية"، فينفجر الجميع ضاحكين. ومن ثم يصبح الجميع جديين مرة أخرى، ويدركون فجأة السبب الذي قد اجتمعوا لأجله.

يبدأ المرشد بالتحدث قائلاً: "الجوكر هو ابن صاحب المصلحة. لو أن كان والدك أحدكم يمتلك مكتب لتدقيق الحسابات، ماذا كنت ستفعل؟ هل كنت ستعمل لديه؟ أم أنه كان سيبحث لك عن وظيفة لدى أحد أصدقائه؟" ومن هو المتسابق الذي يحمل بطاقة ذات رقم عادي؟ " فتأتي الإجابة من الحاضرين: "إنه عامل اعتيادي، وشخص يجب أن يثبت نفسه مثل الجميع." يستأنف المرشد ويطرح سؤالاً آخر: "إذن من هو المتسابق الذي كان بيده بطاقة فارغة؟" فيجيبه أحدهم: "إنه الشخص الذي لم يمنح ولو حتى فرصة واحدة لإثبات نفسه." ويجيب آخر: "إنه الشخص الذي لا يبذل أي مجهود." ويجيب شخص آخر فيقول: "هذان شيئان مختلفان كلياً. إن لم يمنح الفرصة فهذه مسؤوليتهم، أما في حال أنه لم يبذل مجهوداً، فهذه مسؤوليته."

يقول أحد الأشخاص الذين كانوا يحملون بطاقة فارغة: "لكن أنا لم أقم باختيار البطاقة الفارغة." فيرد المرشد قائلاً: "نحن لا نختار أبداً أن نكون حاملين بطاقات فارغة،" ومن ثم يخرج الجمع لقضاء فترة من لاستراحة.

"الأكاديميون هم جيل المستقبل"

البطاقة الفارغة هي الهدف الذي من أجله أقيمت جمعية "مساواة في فرص العمل"، التي تعمل من أجل دمج الأكاديميين العرب في سوق العمل، وهذه الورشة هي واحدة من النشاطات التي  تقيمها المحامية عيريت تامير بعرض المعطيات كما هي من دون أي تجميل: هناك 20% من مواطني دولة إسرائيل هم من العرب، وهناك ما يقرب من 11% من مجمل الأكاديميين من العرب. من هنا نلاحظ وجود فجوة، لكن هذا ليس ما جاءت تامير لتتحدث عنه. "كنا نتوقع أن تكون نسبة العاملين من العرب في سوق العمل 10-11% ،" وتستأنف قائلة: "لكن معطيات عام 2007 بالنسبة لدمج الأكاديميين العرب في سوق العمل الإسرائيلي تظهر بأن نسبة  لا تتجاوز 2% من العاملين في سوق العمل هم من العرب."

انطلاقاً من هذه المعطيات قامت الدكتورة عيريت كيني التي شغلت في عام 2007 منصب نائب رئيس للمسؤولية الاجتماعية في جامعة حيفا بطرح فكرة توجهت من خلالها إلى رجل العمال دوف لاوتمان. وقامت الدكتورة عيريت كيني مع دوف لاوتمان بفحص إمكانية نجاح الفكرة من ناحية عملية، وعندما قررا أنه يمكن القيام بشيء ما، توجها إلى تامير، وهي محامية في مجال الأعمال التي قامت بتغير مسار خطها في العمل وتوجهت إلى النشاط الاجتماعي، كي تقيم جمعية "مساواة في فرص العمل"، وباسمها الكامل: "ائتلاف المشغلين لمساواة الأكاديميين العرب."

من بين عدد كبير من الجمعيات ذات الأسماء الواعدة والنوايا الرائعة التي تغرق في داخل المصطلحات الاجتماعية والديمقراطية وقضايا المساواة والتعايش، تبرز جمعية "مساواة في فرص العمل" في مجال عملها المحدد. لا يوجد أي شيء غامض أو مجهول في المشكلة التي تحاول أن تحلها: فمن ناحية هناك أكاديميين عرب، ومن الناحية الأخرى هناك مشغلين، ولسبب ما فإنهم يسيرون بخط متواز ولا يلتقي أي منهم مع الآخر.

تشرح تامير قرار التركيز على الأكاديميين قائلة: "الأكاديميون هم جيل المستقبل، وعادة ما يواجه الأكاديميون العرب صعوبة أكبر بكثير من الأكاديميين اليهود لأسباب اقتصادية، ونظراً للانتقال من الدفيئة العربية الجماعية إلى الأكاديمية اليهودية بالعبرية، تعتبر هذه قفزة ترافقها صدمة ثقافية. وعندما يحاولون بعد ذلك أن يدخلوا ثانية إلى سوق العمل الإسرائيلي، يزداد الأمر سوءاً."

لماذا اخترتم قطاع الأعمال كهدف لدمج العرب فيه، ولم تختاروا على سبيل المثال، قطاع الوظائف الحكومية؟

تجيب تامير بطريقتها السريعة في التحدث وتقول: "لأن من يقود التغير في إسرائيل هو عالم الأعمال. منذ البداية، تعامل عالم الأعمال الإسرائيلي تجاه المسؤولية الاجتماعية وجودة البيئة وتنوع القوى العاملة، أما الطرف الآخر فيعتبر متخلفاً نسبيا مقارنة بسائر دول العالم. ولكن ... في اللحظة التي يكتشف فيها رجال الأعمال الإسرائيليين فرصة أو إمكانية لمصلحة أو عمل معين، فإنهم لا يترددون ويقلصون الفجوات وبسرعة. مقابل ذلك، هناك مصلحة التوظيف الحكومي التي تتميز بوتيرة خاصة بها، ولكونها مثقلة بالبيروقراطية وبطيئة للغاية، والدليل على ذلك، أن هناك  قرارات حكومية اتخذت منذ سنوات بشان التفضيل المصحح في التوظيف الحكومي، لكن هذه القرارات تطبق ببطء شديد، كان من المفروض أن يشكل الوجود العربي في الوظائف الحكومية في الوقت الحاضر ما نسبته 10% بدلاً من حوالي7% فقط، وهذه النسبة أيضا تشمل مناصب غير رفيعة المستوى." 

في عام 2007، وهو العام الذي أقيمت فيها جمعية "مساواة في فرص العمل"، بلغت ميزانيتها السنوية 2.2 مليون شيكل. واليوم تبلغ الميزانية نحو 3.8 مليون شيكل، مع طاقم مكون من 12 امرأة. الصندوق الأول الذي ارتبط مع الجمعية للمساعدة في تحقيق أهدافها كان صندوق كهنوف. تشرح تامير قائلة: "أنه صندوق كندي - يهودي، يستثمر منذ سنوات في موضوع اندماج العرب واليهود." وفيما بعد انضم صندوق لندا، ومؤخراً انضم أيضاً قسم من اليهود الأمريكيين، على سبيل المثال فيدرالية نيويورك واتحاد الفيدراليات في شمال أمريكا.

تقول تامير: "منذ إقامة الجمعية، قرر المؤسسون تجاهل النموذج المعروف بين الجمعيات- تلك التي تطرح فكرة مهمة، ومن ثم تتوجه إلى أبواب أصحاب رؤوس الأموال لتطلب منهم التبرعات. وعمل الخير بثمن بخس فقط من أجل إراحة الضمير. نحن لا نرغب بأن نكون على هذه الشاكلة، لذلك اخترنا أن نقيم جمعية "مساواة في فرص العمل" لتكون بمثابة ائتلاف للمشغلين."

 ماذا يعني ذلك؟

تجيب تامير قائلة: "منذ إقامة الجمعية قمنا بربط اتحادات المشغلين. هذا يعني أن من بين المؤسسين يمكن أن نجد - عدا عن دوف لاوتمن وعيريت كينان - اتحاد المصنعين أيضاً. وفي الجمعية العامة نجد أيضاً مكتب المحامين واتحاد البنوك ومكتب مدققي الحسابات وهرم المشغلين بأكمله."

هل يتطلب ربطهم بهذه المسيرة مجهوداً كبيراً؟

ترد تامير: "سأجيب عن ذلك بصراحة: نحن لسنا بحاجة لبذل جهد كبير لربطهم بهذه المسيرة. يتطلب الربط مجهوداً كبيراً من أجل استنفاذ إمكانية ضلوعهم في جمعية "مساواة في فرص العمل"، واللبيب من الإشارة يفهم. إنها ظاهرة تميز في عالم الأعمال بغالبيته. الفجوة ما بين الاستعداد الحقيقي والتصريحات وما بين التطبيق على أرض الواقع ما زالت كبيرة جدا."

هل "جهاز الشباك - المخابرات" مع هذا الدمج؟

الجو العام في جمعية "مساواة في فرص العمل" يقول بأننا لسنا بحاجة لأن يتكرم علينا أحد.. هم لا يطلبون من المشغلين أن يتنازلوا عن المعايير المطلوبة وأن يطبقوا سياسة التفضيل المصحح. وتقول تامير موضحة: "في نهاية المطاف قد يكون المرشحون العرب مؤهلين وذوي قدرات أو على العكس، تماماً كما هو الحال بالنسبة للمرشحين اليهود، لكن الفرق هو أنه إذا كان المدير المهني يخشى من دمج مرشح عربي، سيكون من السهل بالنسبة له أن يقول بكل بساطة إن هذا المرشح لا بلائمه من ناحية مهنية."

في جمعية "مساواة في فرص العمل" لا يتم تجاهل الصعوبات، لكن الجمعية تطلب الاعتراف بها ومواجهتها. من المهم التحدث مع المشغلين بلغتهم: لغة الربح والخسارة. تقول تامير: "توجد هنا ثلاثة أبعاد: البعد الأول يعود إلينا. من يريد دولة يهودية، يجب أن يهتم ويحرص على أن تكون الديمقراطية أكثر من 100%، بل يجب أن تكون 110%. موضوع الحقوق المدنية والعمل هو أمر في غاية الأهمية لهذه المسألة، وهذه مسألة فوق التوجهات السياسية. حتى بيني بيغين وروبي ريفلين وشخصيات ليكودية-جابوتنسكية أخرى تدعم التعامل بشكل متساو مع القطاعات المختلفة.

"البعد الثاني هو البعد الأمني فيما يتعلق بجهاز الشابك، وينبع من التهديد الكامن في الفجوة الاجتماعية. منذ وقت ليس ببعيد نشر جهاز الشباك تقريراً تحدث فيه عن أهمية دمج العرب، وخاصة الأكاديميين منهم، من خلال الفهم بأنه كلما نجحنا في دمجهم بشكل أفضل بهذا النحو سوف نقلص من الشعور بالإحباط، وسوف يزيد الشعور بالانتماء، وفي النهاية سوف نصل إلى الهدوء على المستوى الأمني."

"والبعد الثالث والأخير هو من الناحية الاقتصادية، وهنا يمكن أن اقتبس من أقوال وتقارير بنك إسرائيل ودليل منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لمؤشرات العولمة الاقتصادية ووزارة الصناعة والتجارة أو يوجين كندل- وغيرهم. القفزة التالية على المستوى الاقتصادي بالنسبة لدولة إسرائيل يمكن أن تأتي فقط من خلال فئتين من السكان لم تتمكنا من تحقيق القدرات الكامنة لديهما حالياً: العرب واليهود المتشددين-حريديم. وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل تفقد 8.2 مليار شيكل من الناتج القومي بسبب عدم دمج العرب واليهود المتشددين. إذا كانت القفزات الاقتصادية قد تحققت في السابق بفضل قدوم الوافدين من الخارج بأعداد كبيرة، نجد اليوم أن أعداد الوافدين من القادمين الجدد قد انخفضت، ويجب أن تأتي القفزة من خلال الدمج الداخلي. لنأخذ بالحسبان أنه بعد 15 سنة، سوف نشهد نسبة 50% تقريباً من قدرة الثروة البشرية لسوق العمل من هذين القطاعين."

إذن في حال وضوح مسألة أهمية قضية الدمج، لماذا لا ينتهز عالم الأعمال هذه الفرصة وينفذ ذلك بنفسه؟

تجيب تامير على هذا السؤال وتقول: "أولاً، غالبيتهم لم يدركوا توفر فرصة تجارية هنا، سواء من ناحية التسويق- حيث أننا نتحدث هنا عن 20% من مجموع السكان الذين لم تبذل جهود كافية بعد ليصبحوا زبائن مخلصين لديك- أو على مستوى المهارات الفردية، حيث أنه من المعروف أن هناك ضائقة على مستوى الثروة البشرية. وقد أجرت شركة مان باور- وهي شركة قوى عاملة، دراسة عالمية وتبين من هذه الدراسة أن عالم الأعمال مقسم إلى أجيال. نحن نرى الآن من حولنا الجيل الثاني، الذي لا يبقى في مكان عمل واحد لأكثر من 14 شهراً. لذلك تشير دراسة مان باور إلى أن الشخصية المؤهلة المطلوبة اليوم لا تفحص المكان الذي درست فيه فحسب، وإنما تحسب عنصر التشوق الإخلاص واحتمال البقاء والتواصل.

"وهذا يلاءم تماماً السكان العرب. حيث أن السوق مغلق أمامهم إلى حد ما، ولا توجد لديهم عدة بدائل، إذن من يجد وظيفة ملائمة لا يريد أن يتركها. إنهم يشعرون بالالتزام أكثر بمليون مرة كي يثبتوا أنفسهم. إنهم لا يتطلعون على الدوام إلى الوظيفة التالية."

ولكن كل هذه الأفضليات غائبة عن نظر المشغلين، وما يحجبها هو ما تسميه تامير "معوقات"، وأهمها الشك تجاه الآخر. "إنها ليست فقط مسألة الخوف من الغريب، إنما أيضاً بسبب نقص الأدوات والرغبة في استثمار المزيد من الجهود بغية استيعاب الطرف الآخر المختلف، حتى لو كان صاحب مؤهلات ممتازة. من الأسهل بكثير أن نقوم باستيعاب التيار الوسطي المطلوب في العمل. صديق يقوم بإحضار صديق، وللتمثيل على ذلك: "احضر لي خمسة آخرين مثل موشي."

في الواقع هذا يشبه ما كان على النساء أن يواجهنه في الماضي. الخوف البشري من كل ما هو مختلف، الخوف المهني، وكيف سيتم استيعابهن، وكيف سيتعامل الطاقم الحالي معهن. هذه هي المعوقات الرئيسية. المعوقات الثانوية مرتبطة بعدم وجود ثقافة تشغيل من حضارات مختلفة. حتى عندما يرغب المشغل بدمج العرب، فهو لا يعرف كيف يقوم بالعثور على المرشحين، وكيف يقرأ السيرة الذاتية للطرف الآخر المختلف، وكيف يقوم بإجراء مقابلة معه."

لماذا يجب أن تتطلب قراءة سيرة ذاتية لمرشح عربي مهارات خاصة؟

تامير تجيب قائلة: "سوف أعطيك مثال: العديد من الطلاب العرب يدرسون المحاماة، ومن الصعب بالنسبة لهم أن يندمجوا كمتدربين في المكاتب الخاصة، فيبحثوا لهم عن مكان للتدريب في الوسط العربي، ومن ثم يفتحون مكتباً خاصاً بهم. هذا الوصف ينطبق على 80% من المحامين العرب. ونتيجة لهذا الانحسار، لا يستطيع هؤلاء المحامين المتدربين تطوير تخصصاتهم في مجالات عمل كبيرة مثل الشركات والضرائب من داخل هذه المكاتب الصغيرة. إنهم يشتغلون على الأغلب في القضايا والشكاوى الصغيرة، وهذه القضايا لا تكاد تسد الرمق من الناحية المادية.

"وعندما يقوم مصرف بالبحث عن محام، ويقوم مثل هذا المرشح بإرسال سيرته الذاتية، يشطب اسمه من خلال الغربلة الأولى، لأن الشخص الذي سوف يجري المقابلة معه يقول لنفسه: إنه مستقل أكثر من اللازم، وليس مؤهلاً للعمل ضمن فريق. ولا يفهم هذا الذي قرأ السيرة الذاتية أنه مستقل رغم أنفه لأنه لا خيار أمامه، ولا توجد نظرة ذات تعددية حضارية. وإن كنا قد وصلنا إلى مرحلة المقابلة في قسم القوى البشرية، يواجه المرشح مقابلة ذات صبغة شخصية خاصة: "احكي لي عن نفسك" أو "لماذا يجب أن نختارك أنت بالذات؟"، في معظم الحالات، عندما يطلب من المرشح العربي الذي يأتي من مجتمع فيه العائلة والقرية هم أهم شيء بالنسبة له، بأن يحكي عن نفسه، سوف يبدأ بالتحدث عن العائلة، ومن ثم سوف يسجل من أجرى المقابلة معه على الفور: "عدم تركيز - مشطوب". 

"كذلك، هناك أسئلة من نوع آخر: "لماذا أنت بالذات؟"، وهذه الأسئلة تفشل العرب عندما تأتي من مجتمع يعتبر فيه التسويق الذاتي أمر مخجل وغير لائق. هذه ظواهر تميز أيضاً الإثيوبيين واليهود المتشددين، وكل من يأتي من ثقافة مختلفة. وهكذا، بدلاً من العثور على مرشح على أساس التنبؤ بقدرته على النجاح في الوظيفة، نقوم بشطب الطرف الآخر المختلف ونفقد مرشحين كان من الممكن أن يثبتوا أنهم الأفضل."

"لقاء أول مع اليهودية المهتمة"

احد المهمات الأكثر صعوبة في القائمة الطويلة والمرتبة لدى تامير هي زيادة الطلب على الخدمات التي تقدمها الجمعية في المجتمع العربي: تقول تامير: "عندما بدأت، اعتقدت أنه في اللحظة التي سنبدأ بها سوف تنهال علينا الطلبات وسوف ينتظرون تلقي خدماتنا بالدور. وكانت المفاجأة أنه في بعض الأحيان كان عدد الوظائف يفوق عدد المرشحين. هذا ينبع من عدة أسباب، وخاصة انعدام ثقة الأكاديميين العرب بأنفسهم وبالطريقة المتبعة. كل الأمور تبدو بالنسبة لهم على أنها مجرد تمثيلية. لم تكن هذه أول مرة تفضل فيها مجموعة أقلية أن تستسلم من أن تواجه الأمور. هذا يضطرنا إلى بذل مجهود كبير من أجل الوصول إلى كل زاوية، وأن نبني الثقة بأنفسنا وأن نجعلهم يدركون بأن مجرد العيش هو غير كاف - يسمح لك بأن تحلم وأن تحقق ما حلمت به عندما كنت صغيرا."

هل واجهتم شكوكاً تجاه جمعية "مساواة في فرص العمل"؟ هل كان هناك من نظر إلى الجهود التي تبذلونها على أنها محاولة سلطوية لتقديم العون؟

تقول تامير: "نعم، وبشكل كبير. الشكوك موجودة تجاه كل ما يتحرك، وبالتأكيد عندما يكون هذا مطلياً بلون يهودي. بالمناسبة، على الرغم من أنه ينظر إلينا على أننا منظمة يهودية، لدينا في الطاقم 50% هم من العرب."


ماذا تفعلون من أجل مواجهة الشكوك؟

"نحن نعتمد في المقام الأول على السمعة الحسنة التي تنتقل من شخص لآخر. حتى الآن نجحنا بإيجاد لوظائف لـ 305 فرداً، أي 305 سفيراً ينشرون ما نقوم به في مجتمعهم. لدينا أيضاً وسائل تسويق كبيرة في وسائل الإعلام العربية، وعلى موقع الفيسبوك، وفي المؤتمرات الأكاديمية. بالنسبة للكثيرين من الوسط العربي هذا أول لقاء مع يهودية مهتمة.

قبل أن نغادر ترغب تامير بأن تضيف شيئاً محدداً. صحيح أن نشاط جمعية "مساواة في فرص العمل" هو محدد ومتركز بشكل اقتصادي، لكن فوق كل هذا، تعترف تامير أن هناك هدف آخر وأجندة أخرى إضافية: "في اعتقادي، ربما يكون مكان العمل هو المكان الوحيد الذي يعتبر بالنسبة لنا جميعاً - عرباً ويهود - فرصة لأن نلتقي على المستوى الشخصي. نحن لا ننشأ معهم، ولا نلتقي بهم، ونعيش على أساس آراء مسبقة ونظرات مشوهة. مكان العمل ربما يكون الاحتمال أو الفرصة الوحيدة لنقترب من بعضنا البعض ولنقيم مع بعضنا البعض. أنت تلتقي بمهندس مثلك وتتبادلان أطراف الحديث، بعيداً عن السياسة. من هنا قد يأتي الأمل."

عبد الله الزعبي - العمر: 26 عاماً؛ الحالة الاجتماعية: أعزب؛ العنوان: قرية سالم (بالقرب من العفولة)؛ الوظيفة: متدرب في تدقيق الحسابات

منذ ثمانية أشهر يناضل عبد الله من أجل العثور على مكتب تدقيق حسابات يمنحه موافقة للتدريب فيه لفترة معينة.. يحمل عبد الله الدرجة الجامعية الأولى في إدارة الأعمال وفي التسويق من المركز الأكاديمي روبين وتدريس تدقيق الحسابات في جامعة بار إيلان، ولم يكن يظن بأن الأمر سوف يستغرق كل هذا الوقت.

كم من الوقت يستغرق طالب يهودي للعثور على مكتب للتدرب؟

يجيب عبد الله الزعبي قائلاً: "مدة التدريب في العادة شهر واحد والحد الأقصى ثلاثة أشهر. أما بالنسبة للعرب فالأمر أكثر صعوبة."

لماذا؟

يرد الزعبي قائلاً: "يحدث جزء من هذا بسببنا. نحن لا نعرف كيف نكتب السير الذاتية بشكل مهني، لا نفهم مسيرة التصنيف في المكاتب، ونعاني من قلة خبرة في العمل. العديد من المكاتب تريد مرشحين ذوي خبرة، ليس في مجال الحسابات بالذات. إنهم يبحثون عن أشخاص تقدموا لوظائف تفتيش وإدارة، وليس مجرد نادل في مطعم. لقد عملت مركز في مشروع "بيرح" التربوي في بلدات الشمال. هناك بعض المكاتب التي تكترث بهذا، مع أن هذه وظيفة الإدارة مرتبطة بالعمل الميداني، من ناحية أخرى، المزاج في سوق العمل الإسرائيلي لا يشجع على تشغيل العرب. حيث أن الدولة تشترط علينا الخدمة العسكرية مقابل الحصول على عمل، حتى لو لم يكن هناك أي تبرير لذلك من الناحية المهنية."

لقد توجه عبد الله الزعبي إلى جمعية "مساواة في فرص العمل"، وهناك حصل على مرافقة وتوجيه، حتى دخل للعمل في مكتب تدقيق للحسابات تابع لشركة تالي لاودن في بيت شعرين. يقول الزعبي: "لقد ساعدوني في إعادة صياغة السيرة الذاتية بحيث تلفت انتباه المكاتب. لقد وجهوني كي أكون مستعداً للمقابلات الشخصية. ولقد جلست المرشدة معي ومنحتني خلفية عن كل مكتب ومكتب، فهمت ما يبحث عنه من يجري المقابلة، وكان مصيبة بشأن الأسئلة التي طرحوها علي. وقد عملت معي أيضاً على حركات وإيماءات الجسم. كيف أتحدث، متى أتوقف. أن لا أجلس مكتوف الأيدي، وأن لا أضع يدي نحو الأسفل. أن انتبه بأن أبقى صامتاً. هذه ملاحظات صغيرة، وفي البداية لم أكن أفهم ماذا يريدون مني أصلاً."

بصفتك العربي الوحيد في المكتب، هل كانت هناك فترة تأقلم؟

"لا أظن ذلك، إن كنت قد تمكنت من إكمال التعليم في بار إيلان رغم أنني العربي الوحيد، إذن لا مشكلة. لقد جئت وأنا على استعداد."

لونا خوري عبد – العمر: 30 عاماً؛ الحالة الاجتماعية: متزوجة وأم لولدين؛ العنوان: حيفا؛ الوظيفة: مديرة فرع الشركة العربية التابع لشركة مان باور في الشمال 

لونا خوري عبد، خريجة حاصلة على الدرجة الجامعية الأولى في علم السلوكيات من الكلية الأكاديمية في نتانيا وطالبة حاصلة على الدرجة الجامعية الثانية في الإدارة وتسوية النزاعات من جامعة بن غوريون. تقول خوري: "لقد بحثت عن عمل في ميدان القوى البشرية لمدة نصف سنة." تمتلك خوري خبرة سابقة كمندوبة خدمات في شركة سلكوم وكمسئولة عن الميزانية في مكتب دعاية في تل أبيب، ولكن كل ذلك بالإضافة إلى لقبها الجامعي لم يقربها من الهدف. تقول خوري: "تقدمت لكل وظيفة في مجال القوى البشرية، ولكن من دون أن أفهم إن كان هذا لائمني أصلاً."
وهل هذه الصعوبة تبدو بنظرك ظاهرة مميزة في الوسط العربي؟

تجيب خوري على ذلك وتقول: "هذا أمر يميز ما يحدث في الوسط العربي، إننا الأقل حظاً في خيارات العمل وجهات التوظيف التي يمكن أن تساعدنا في العثور على عمل يلاءم ثقافتنا وتعليمنا."

ضمن إطار القصف العشوائي على كل الجهات، حاولت خوري أيضا أن تتقدم لجمعية "مساواة في فرص العمل"، لتترأس مشروعاً "يتطلب الكثير من الخبرة الميدانية والعلاقات مع رؤساء المجالس" حسبما تقول. وفي هذا الشأن تقول خوري: "تقدمت، ولم أفهم لماذا أنا غير ملائمة. كان هناك حاجة للمعرفة والعلاقات التي لم أكن ضليعة فيها". لكن من هذا اللقاء مع جمعية "مساواة في فرص العمل" تعلمت خوري عبد كيف يمكن بناء مسار مهني خطوة تلو الأخرى. وتضيف خوري: "لقد اقترحوا علي في جمعية "مساواة في فرص العمل" أن أبدأ في شركة مان باور كمستشارة للتوظيف في الوسط العربي. تقدمت إلى مان باور، ومررت بتصنيف وقبلت. عملت نصف سنة في تل أبيب، ومن ثم قرروا في مان باور أنهم يريدون فتح فرع في حيفا يركز على الوسط العربي، لأن معظم السكان هنا من العرب. عندئذ انتقلت إلى الشمال وأنا أدير اليوم هذا الفرع."

والآن أنت تنافسين جمعية "مساواة في فرص العمل"؟

تقول خوري في ردها على هذا السؤال: "في الواقع نعم. لقد ارتبطت بالعمل في مان باور، لكنني لا أنسى المعروف الذي قدمته لي جمعية "مساواة في فرص العمل". ضمن إطار التعليم للحصول عل الدرجة الجامعية الأولى في دورة في مجال التربية للسلام، كان علي أن أختار منظمة لهذا الهدف وأن أقوم بوظيفة عنها. وقد اخترت جمعية "مساواة في فرص العمل." في البداية لم تفهم المحاضرة ما العلاقة. لقد رأت في جمعية "مساواة في فرص العمل" منظمة تحاول أن تحل مشاكل العمل. شرحت لها كيف أن الخطوات التي تقوم بها جمعية "مساواة في فرص العمل" تخلق تغييراً اجتماعياً عميقاً. لأنه - عدا عن العثور على عمل للأشخاص - فالجمعية أيضاً على استعداد للتعاون والتعايش."

سعيد بحيري – العمر: 23 عاماً؛ الحالة الاجتماعية: أعزب؛ العنوان: قرية جلجولية؛ الوظيفة: طالب في معهد التخنيون ويعمل في شركة ماتريكس

من دون خدمة عسكرية، أدرك سعيد بحيري، وهو طالب سنة رابعة في هندسة الحاسوب في الجامعة العبرية، أن جزءاً كبيراً من الوظائف في مجال البرمجة التي يتقدم إليها تبقى خارج نطاق أحلامه. لكنه لم يستسلم. فقد استمر في البحث عن عمل قرابة سنة. في البداية بحث في الوظائف المخصصة للطلاب، لكنه قام مؤخراً بتوسيع دائرة البحث وبدأ بالبحث عن وظيفة كاملة في المجال، معتقداًً بأنه إذا عثر على وظيفة ما تناسبه، فسوف يكمل تعليمه بنفسه. ويعترف سعيد قائلاً: "لكن، عندما نتحدث عن وظيفة خريج، الجميع يطلبون خبرة من ثلاث إلى خمس سنوات، وأنا لا أملك مثل هذه الخبرة."

هل لهذه الصعوبات علاقة بكونك عربي؟

يجيب سعيد بالنفي القاطع: "لا، أبداً."

إذن لماذا قمت بالاتصال بجمعية "مساواة في فرص العمل"؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts