maheronline

ماهر انلاين: موقع سياسي اجتماعي بختص في الأخبار السياسية والأحداث على الساحة العربية الإسرائيلية ونزاعاتها مع الدول الغربية وإيران وإسرائيل

الشريط الإخباري لموقع الجزيرة نت

الجمعة، 4 مايو 2012

مؤتمر ياسمين للنساء اليهوديات والعربيات اللواتي يمتلكن مشاريع تجارية صغيرة


مؤتمر ياسمين للنساء اليهوديات والعربيات اللواتي يمتلكن مشاريع تجارية صغيرة

في الآونة الأخيرة نسمع أكثر فأكثر عن المزيد من التنبؤات السوداء بشأن الاقتصاد العالمي. فقد أثر الركود الاقتصادي الذي ألمّ بالاقتصاد الأمريكي والأوروبي على مجمل الاقتصاد في العالم، بما في ذلك اقتصاد دولة إسرائيل أيضاً.

من الطبيعي أن تكون الجهات الأكثر تضرراً من جراء ذلك هي المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تغطي أغلبية سوق العمل في إسرائيل. وفي الواقع، وحسب المعطيات التي كشفت مؤخراً، تبين أن أكثر من 98% من المشاريع التجارية في إسرائيل هي مشاريع صغيرة (حتى 20 عامل) ومشاريع تجارية متوسطة (حتى 100 عامل)، والمس بهذه المصالح يمس إلى حد كبير باقتصاد الدول في العالم بوجه عام والاقتصاد الإسرائيلي بوجه خاص.

إضافة إلى هذه المعطيات الصعبة، هناك معطيات أخرى غير مشجعة، ويمكننا القول أن مشروع تجاري واحد من بين كل 5 مشاريع فقط في السابق يمكن أن تنجح بالبقاء خلال أول خمس سنوات من انطلاقها بالعمل.

سألت نفسي: ما الذي يقف خلف كل هذه الأرقام الكبيرة المذكورة أعلاه؟ أنا غير ضليع في مجال الاقتصاد وأردت دوماً أن أفهم إن كان هناك ملامح بشرية خلف هذه الأرقام والرسومات الكبيرة التي لا يفهما الكثيرون من بيننا.

لقد تتحقق لي ذلك عندما تلقيت قبل أسبوعين دعوة للمشاركة في مؤتمر خاص بشأن المشاريع التجارية الذي يعقد في كل عام للعام السادس على التوالي. المؤتمر مخصص لسيدات أعمال. والحديث لا يدور عن أي سيدات أعمال، إنما سيدات أعمال عربيات ويهوديات على حد سواء في مؤتمر مشترك تحت شعار التميز في غدارة المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة. وقد استجبت للمهمة...

في الطريق إلى هرتسليا، المدينة التي استضافت هذا المؤتمر، كنت أفكر في أهمية الأمر، ولأي درجة سوف ترغب النساء المعنيات بالحدث الحضور فعلاً والمشاركة فيه، وكان يراودني طوال الوقت شعور غريب بأن الحديث يدور عن مؤتمر آخر من بين مئات المؤتمرات الذي سيكون الحضور فيه متوسطاً على أفضل تقدير.

وصلت قبيل الساعة 9:00 صباحاً إلى فندق هشارون في هرتسليا وفوجئت عند دخولي إلى حيث يعقد المؤتمر العديد من النساء من كافة الأطياف والفئات - نساء عربيات ويهوديات ومتدينات وعلمانيات وشابات ومتقدمات في السن، وكانت القاعة التي اجتمعنا فيها تعجُّ بالحديث عن المشاريع والأعمال التجارية، وكانت هناك أيدي تتبادل بطاقات العمل، وأيدي أخرى تتبادل النشرات والمواد المكتوبة والملونة عن المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة التي كانت تدار من قبل النساء.

كانت الأمور من حولي تدار بذوق رفيع، ذوق موجود فقط عند النساء القويات والمستقلات. إنها قوة نسائية خفية لا يمكن رؤيتها في العديد من المؤتمرات الاقتصادية التي يكون نجومها في العادة من الرجال المتأنقين ببدلات وربطات عنق.

بعد نحو ساعة من تبادل أطراف الحديث والتعارف، طلبت عريفة الحفل من كافة النساء دخول القاعة لبدء الحدث وقد كانت صاحبة فكرة المؤتمر أولى المتحدثات والمسئولة عن المشروع المذكور أعلاه من قبل "المركز العربي - اليهودي للتطوير الاقتصادي"، السيدة كرام بلعوم.

"حضرة السيدات المحترمات، كما تعلمن فإن جمعية "ياسمين" قد أسست في عام 2006 ووضعت لها هدفاً للنهوض بالنساء العربيات واليهوديات من ناحية تجارية ومهنية وشخصية ممن لديهن مشاريع تجارية صغيرة ومتوسطة، ويسرنا القول أننا في هذا اليوم - في المؤتمر السادس نرى عدداً متزايداً من النساء المشاركات والضالعات بصورة أو بأخرى في فتح مشاريع تجارية صغيرة، وتصميم منتجاتها ووضع أسس له.

باسمي وباسم جمعية ياسمين نعبر عن سرورنا لتواجدنا معكن ولمنحكن كل الإرشاد والأدوات للحصول على تمويل حقيقي لفتح المشاريع التجارية التي حلمتن بها بشكل شخصي من هنا، ويسرنا أن نتيح المنصة اليوم لكافة النساء الجدد اللواتي انضممن للمشروع ليتقدمن باقتراحاتهن، وبجهودهن الجبارة من أجل تطوير المشاريع التي يقمن بإدارتها.

نحن في الجمعية نهتم ونحرص على تقديم دورات والتوجيه بشكل مكثف للنساء المعنيات بالوصول بمشاريعهن التجارية إلى قمة النجاح. كما تعلمون، نحن في الجمعية نحرص على أن نقدم دورات إدارة لتتمكنوا من إنجاح المشاريع التجارية الخاصة بكن على نحو أفضل، وكي تعرضوا وتسوقوا منتجات مشاريعكن التجارية، ونتقدم بالشكر لجميع العاملين على إنجاح هذه المشاريع"...

 أنا كامرأة عربية أدرك جيداً العوائق الثقافية والاقتصادية والجسدية التي تصعب الأمور على النساء في إسرائيل، والتي تقف في طريقهن نحو تطوير مشاريعهن التجارية التي تشكل مصدر رزق لهن ولعائلاتهن، ولكنني أؤمن بأن العمل المشترك وتخطي المراحل الأولية في إقامة وتأسيس المصلحة التجارية. اليوم نحن نقدم لكن منصة هذا المؤتمر للتواصل فيما بينكن، وفتح باب التعارف من أجل الدفع قدماً بمشاريعكن التي تقمن بإدارتها.  كما أنني أؤمن بدرجة أكبر بأن الشراكة العربية اليهودية هي ضمان للنجاح والتفوق."

تتقدم عوفرا شتراوس، رئيسة جمعية "ياسمين"، ورئيسة إدارة مجموعة شتراوس (الرجاء وضع رابط شرح عن شتراوس) إلى المنصة لتلقي كلمتها قائلة: "يجب أن أعترف بأنني أشعر بالانفعال في كل سنة وأنا أرى كيف نكبر ونزداد عدداً، وكيف أننا ننجح في تجنيد أعداد متزايدة من النساء لهذا الحدث. أنا مسرورة لكوني شريكة في هذا المشروع كسيدة أعمال. وعلى وجه التحديد، أنا أشعر بالارتباط مع اسم الجمعية لأن اسمي الأوسط هو ياسمين، أمي سمتني عوفرا ياسمين شتراوس وأنا أشعر بأن الاسم المذكور آنفاً يصل ما بين العرب واليهود أكثر من أي اسم آخر.

جميعنا نعرف بأن الركود الاقتصادي في العالم يهوي ويعصف بالاقتصاد في العالم، ولكن هذه المعطيات تنحصر مقابل المعطيات التي سوف أكشفها هنا. كما تعلمون، هناك أكثر من 50% من السكان في العالم هم من النساء، أي 50% من سوق العمل يرتكز على النساء. علاوة على ذلك، فإن 50% من قوة الشراء والاستهلاك في إسرائيل ترتكز على قوة وقرارات النساء.

تثبت الدراسات التي تنشر صباحاً ومساء أن النساء في كافة أنحاء العالم يعانين من الإجحاف ولسن شريكات حقيقيات في تصميم الاقتصاد. في الواقع هذا مجال ذكوري للغاية ويتم إبعاد النساء بشكل تام تقريباً عن هذا المجال.

إلى جانب المعطيات المذكورة سابقاً، أود أن أذكر أمراً آخر في غاية الأهمية، وهو أن أكثر من 98% من المشاريع التجارية في إسرائيل (على غرار الاتجاه السائد في العالم) هي مصالح صغيرة ومتوسطة، وبالربط ما بين المعطيات المذكورة سابقاً يظهر مدى اعتماد اقتصاد إسرائيل والاقتصاد العالمي على نجاح المشاريع  التجارية الصغيرة والمتوسطة.                                                                                

بالإضافة إلى كل هذا، يمكننا القول أن معظم القوى النسائية العاملة هي قوى أجيرة. على سبيل المثال، تبلغ نسبة النساء العاملات في دولة إسرائيل  46%، من بينهن 46% يعملن في القطاع العام الحكومي. لذلك نحن نرى عدداً أكبر من النساء يعملن في مجال التعليم والتدريس، وموظفات في مكاتب الحكومة والوزارات، وممرضات والخ، وهذه وظائف تكون في العادة منخفضة الأجور نسبياً.
الوضع بين السكان العرب أصعب بكثير. 22% من النساء العربيات فقط يعملن مقابل حوالي 71% من النساء اليهوديات.

الاستنتاج الذي يفرض نفسه هنا من كل هذه الأرقام والمعطيات هو أنه يجب أن نضع "المصالح الصغيرة والمتوسطة" التي يعتمد عليها الاقتصاد الآخذ في التطور والانطلاق على سلم الأوليات. أعتقد أن الاقتصاد الذي يتم فيه دمج النساء كقوة عاملة والنساء - كسيدات أعمال - سوف يساهم كثيرا في تطوير وترسيخ دعائم مجتمع مدني ديمقراطي أكثر نجاحاً.

ثمة إمكانية لإزالة العوائق الموجودة اليوم، وهي عوائق ثقافية، مثل دور المرأة في حياة العائلة، وعوائق اقتصادية، مثل انعدام القدرة على الحصول على تمويل من البنوك ومن مستثمرين، وعوائق قضائية، مثل سن القوانين لجعل ساعات العمل أكثر مرونة بالنسبة للنساء، كل هذه الأمور يمكن أن تحل. يمكن بالفعل جعل ساعات العمل أكثر مرونة بالنسبة للنساء، ويمكن منح التمويل والقروض للنساء اللواتي يعملن في وظائف جزئية ويتقاضين أجراً أقل مما يتقاضاه الرجال. ويمكن أيضاً مساعدة المرأة في الحفاظ على العائلة من خلال التعاون بشكل أفضل ما بين الرجل والمرأة داخل العائلة، وتوزيع الوظائف بطريقة تتحقق من خلالها المساواة على نحو أكبر بالنسبة لرعاية الأبناء.

إن التعاون ما بين كافة هذه القطاعات وتشجيع الكنيست والحكومة على منح الحقوق المتساوية بشكل أكبر للنساء، وتخفيف العبء الثقافي الاقتصادي والقضائي لعدد أكبر من النساء سوف يتيح للنساء الدخول إلى سوق العمل، وسوف يفتح المجال أمام عدد أكبر من المشاريع الصغيرة لأن تدوم وتستمر في ظل هذه الظروف الصعبة، خاصة المشاريع التجارية الصغيرة التي تدار من قبل النساء.
ربما لأنها إحدى أغنى النساء في إسرائيل، وربما لحقيقة أنها جميلة وغنية، اهتمت النساء في القاعة وأصغين بتركيز لأقوال السيدة شتراوس. وقد برزت امرأة ذات وشاح أبيض تجلس في مقدمة القاعة وتنظر نظرة إعجاب وقبول لما صدر من أقوال عن السيدة شتراوس.، وعند النظر عرفت أن هذه هي الجدة جميلة.
الجدة جميلة (رابط) - لمن لا يعرفها - هي امرأة عربية من قرية البقيعة في شمال إسرائيل - وهي سيدة أعمال متمرسة، تشتهر بإنتاج وتسويق صابونها الطبيعي المشهور لكافة أنحاء العالم. كان لزاماً علي أن أتحدث إليها وأن أفهم كيف نجحت بالقيام بذلك، وكيف انتقلت من فكرة مشروع صغير لإنتاج الصابون الطبيعي إلى صناعة تسوق الصابون في أوروبا والولايات المتحدة وجزء من الدول العربية أيضاً.
توجهت إلى الجدة جميلة، التي ذكرتني كثيراً بجدتي حنا بعينيها البراقتين، وطلبت الإذن منها للتحدث إليها، ووافقت بالطبع من دون أي تردد. خرجنا إلى الخارج تحت أشعة الشمس الدافئة وبدأنا نتحدث.

أنا أيضاً بدأت بمشروع صغيرة... أمي رحمها الله، كانت تعمل طوال عدة سنوات في مجال الأعشاب، وفي الواقع قبل عام 1948 كان يأتي إليها أطباء القرية للتشاور معها بخصوص معالجة الجلد. في يوم من الأيام كانت تجلس بالقرب مني وقالت لي إنها تود بأن تنقل إلي كل ما تعرفه من معلومات كي لا يضيع سر المهنة، وتقديم وصفات الجدة وصنع الصابون الذي يمنح علاجاً لكافة مشاكل الجلد. رويداً رويداً بدأت أجمع الأعشاب والنباتات من جبال الجليل بالقرب من البقيعة.

في البداية كنت أواجه صعوبات ولم أعرف كيف أصنع التركيبات المختلفة. كنت أجرب الصابون الذي أصنعه على نفسي، وعلى أولادي وأحفادي، وشيئاً فشيئاً بدأت أدرك بأنني أنجح بصنع صابون خاص فريد من نوعه. بدأت الأخبار تنتشر في أنحاء القرية وفي أنحاء الجليل بشأن التأثير العجيب للصابون الطبيعي.

بعد فترة من الزمن بدأنا بإنتاج كميات كبيرة، ونشروا عني عدداً من المقالات والتقارير، وبدأت بتسويق منتجاتي في البلاد وفي خارجها أيضاً. قمنا بافتتاح مختبر في البلاد ومصنع صغير وبدأنا بالتسويق إلى أوروبا وبشكل خاص في هولندة. اليوم يعمل في المصنع في هولندة نحو 60 عاملاً من ذوي الإعاقات المختلفة، وأنا أعتزم افتتاح مصنع في "منطقة تيفين" في إسرائيل لتشغيل أشخاص يعانون من إعاقات.

أنا أؤمن بمنتجاتي وبجودتها، وهذه هي الرسالة التي أوجهها لكافة النساء المتواجدات العاملات من مجال الأعمال. التقيت بعدد كبير من رجال الأعمال طيلة حياتي، وكذلك التقيت بالسيدة شتراوس في أكثر من مناسبة، وقد تركت انطباعاً لدي بشخصيتها وبرؤيتها في تطوير المصالح التجارية الصغيرة التي تعود ملكيتها للنساء. المر المهم للغاية للأجيال القادمة هو البدء بشيء صغير ومن ثم متابعة مسيرة التطوير والتقدم...

بعد هذه التجربة المفرحة التي خضتها، وبعد أن التقيت بسيدتي أعمال ناجحتين للغاية، أدركت وجود عدد أكبر من النساء المعنيات بالتطوير من الناحية الاقتصادية. التعاون هو دائماً أفضل وصفة للنجاح بعيداً عن الدين أو العرق أو الجنس أو القومية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts