maheronline

ماهر انلاين: موقع سياسي اجتماعي بختص في الأخبار السياسية والأحداث على الساحة العربية الإسرائيلية ونزاعاتها مع الدول الغربية وإيران وإسرائيل

الشريط الإخباري لموقع الجزيرة نت

الثلاثاء، 1 مايو 2012

أنت تقول "بصل" (بالعربية) وأنا أقول "باتسال" (بالعبرية) (من ترجمتي)


أنت تقول "بصل" (بالعربية) وأنا أقول "باتسال" (بالعبرية) (من ترجمتي)

ماذا يحدث عندما يلتقي شيف إسرائيلي مع شيف فلسطيني في مطبخ واحد

فيريد غوتمان – الأربعاء، 25 نيسان/ أبريل 2012


مايكل أبو الهوا وفيريد غوتمان - صورة من فيريد غوتمان

بينما كنا نحضر الطعام لحفلة من الحفلات  في أحد الأيام، طلبت من مايكل وأنا أقوم بشواء الفلفل أن يبدأ بتحضير السَّلطة الإسرائيلية. عندما سمع مايكل ذلك، توقف عن العمل ونظر إليّ، ثم قال:
"عفواً، ماذا تقولين؟"
"السَّلطة الإسرائيلية ..."  
فرد مايكل قائلاً: "ألا يكفي أنكم سلبتم أرضناً، وتريدون أن تسرقوا وجباتنا أيضاً؟ هذه سَلطة عربية، وليست إسرائيلية."

أنا أعمل في تحضير الطعام للحفلات في العاصمة الأمريكية واشنطن، وفي السنوات الأربعة الماضية عملت جنباً إلى جنب مع شيف فلسطيني على لوح واحد لتقطيع الطعام. النتيجة كانت غريبة: تحالف يظهر فيه الطعام سياسي وموحد، والسياسة متواجدة في المطبخ على الدوام أيضاً.

ولد مايكل قبل 52 عاماً باسم "محمود أبو الهوا" في جبل الزيتون بالقدس الشرقية ولا تزال عائلته تسكن هناك. أتقن ميشيل العمل في سن مبكرة من خلال عمله في مطاعم إسرائيلية مع طهاة إسرائيليين كانوا ينادونه "مناحم"، وقبل حوالي 30 عاماً انتقل إلى الولايات المتحدة حيث أصبح يُعرف هناك باسم "مايك".

ولدت في إسرائيل قبل 43 عاماً في أعقاب حرب الأيام الستة (عام 1967) التي استولى فيها الإسرائيليون على جبل الزيتون، وقد قتل عمي، واسمه مناحم أيضاً، في تلك الحرب في مدينة القدس.

على الرغم من أن مايكل عمل مع العديد من الإسرائيليين، إلا أنه الفلسطيني الأول الذي تعرفت عليه في حياتي. نحن نعمل في مطبخ واحد ونحضر وجبات مشتركة ونتبادل ذكريات تعود لوجبات الطبخ في وطننا الذي يحن فيه الناس للوجبات نفسها على الرغم من النزاع الذي لا ينتهي.

كان عليّ أن أعترف أمام مايكل أنه محق فيما يخص السَّلطة. على الرغم من أن جدتي ووالدي كانا يحضران السَّلطة الإسرائيلية في جميع الأوقات إلا أن السّلطة عربية الأصل. وفي الحقيقة، أخذت "السَّلطة الإسرائيلية" اسمها من أمريكا. نحن لا نسميها سَلطة إسرائيلية في إسرائيل، بل نسميها ببساطة سَلطة خضار، أو سَلطة عربية.

بصفتي متخصصة في الكتابة عن المطبخ في الشرق الأوسط، فإنني دائماً أتعثر في هذا النوع من الحرب عن الطعام. في مدونتي التي أكتبها في صحيفة إسرائيلية، كتبت مؤخراً عن "الفريكة" -  وهي وجبة تتكون من حبوب القمح الخضراء المدخنة التي يستخدمها العرب منذ عقود، وقد جاءت جميع الردود والتعليقات من القراء على هذا الموضوع كما رد مايكل: ألم تقوموا أنتم أيها الإسرائيليون بسلب أرضناً والفلافل، واليوم تسلبون الفريكة أيضاً؟   

أنا ومايكل نتفق في العادة على معظم الوجبات، ونستمتع بوقت جيد، ومرة أخرى ندرك أن الأسماء العربية والعبرية للعديد من المقادير في الطعام شبيهة: الزيتون أو الزيت، والبصل (بالعربية) أو "باتسال" (بالعبرية)،  والتمر والرمان والهال والعدس والشمندر والثوم والفلفل.

لكن المسألة لا تتعلق بتاريخ الطعام الذي يطغى على النزاع. لا يوجد في مطعمنا الصغير الساخن رائحة سلام تفوح من الشرق الأوسط. نحن نتشاجر على كل شيء. مايكل يعتقد أنه يعرف أكثر مني كيف يحضر الحلوى لعيد الأنوار (الهانوكا)، وأنا متأكد أنني أتقن وجبة المقلوبة أفضل منه. وهو يعتقد أنني لا تقن تحضير الحمص لأنني لا أضيف ملح الليمون، ولكنني لم أسمع عن ذلك. من ناحية أخرى، أوافق مايكل الرأي بإضافة الطماطم مع البقدونس على صلصة الطحينية مما يجعلها ذات مذاق أفضل وأفضل كما يقول هو.

وجبتنا السريعة المفضلة أثناء العمل هي خبز البيتا الرقيق الذي نضعه في الفرن لمدة دقيقتين، ثم نقوم بإضافة بعض فتات الجبن ورش السماق وطبقة من شرائح البصل ونغطي ذلك بطبقة من زيت الزيتون ثم نلف هذا الخبز ونأكله. لا يوجد أفضل من هذه الوجبة لدينا.

قال لي مايكل يوماً ما وهو يضحك: "أنتي تعرفين ماذا يقولون عن اليهود. يمكنك أن تأكلي معهم، ولكن لا يؤتمن على النوم معهم لأن يطعنوا من الخلف."

آه. أعتقد أنني سمعت عن ذلك من قبل... آه... نحن تعودنا أن نقول الشيء نفسه عن العرب.

قائمة مايكل للطعام  هي أمريكية، ولكنه يحب أن يتحدث عن طبخ والدته في وطنه، وهو الطعام الحقيقي الذي يتذكره من وطنه. (يعمل مايكل معي في الطبخ بعض الوقت، وفي أوقات أخرى يعمل أو يحضر الطعام لعمله الخاص.) فهو يقوم بطهي الخضروات المجمدة ويحضر كريات الجبن لزبائنه الأمريكيين تماماً كما وصف هذه الوجبة عندما كانت والدته تحضرها من الجبن الذي كانت تصنعه من خلال تغطية اللبن بالبطانية، أو الجزر المحشو بلحم الضأن والأرز المضاف إليه صلصة الطمارين عند الطهي، أو الكوسا المحشو بصلصة اللبن. إنه لنوع من الطعام يستغرق وقتاً طويلاً ولا يستطيع مايكل أن يحضره بصفته يعمل في إعداد الطعام للحفلات.

يخلط مايكل البازيلاء الخضراء بالطماطم والبطاطس المحشوة بلحم البقر، وهي الوجبة التي أطلبها من والدتي عندما أزور إسرائيل. في الحقيقة، أنا الذي حضر الوجبات العربية هنا أكثر من مايكل، والزبائن اليهود هنا يحبون هذه الوجبات نوعاً ما، ولقد كنت محظوظاً عندما تعلمت من مايكل كيف أتقن هذا الطعام بطريقة أفضل. فانا أقوم بإضافة السماق من القدس وزيت الزيتون إلى وجبة الكباب، وأضيف الفلفل الحار للسَّلطة الإسرائيلية أو العربية.

هناك طريقة مريحة وسهلة في علاقاتنا، وهكذا كان الأمر منذ اليوم الأول، وربما يعزى ذلك إلى أننا أتينا من نفس المنطقة، ونحنا نتبادل المزاح والعفوية الشرق أوسطية ونتحدث بنفس اللهجة.

لكننا، مع كل ذلك، ننتمي لمجتمعين مختلفين جداً كما كنا نذكر بعضنا في أغلب الأحيان. قبل حوالي 4 سنوات، قام فلسطيني بدهس عدد من المشاة والاصطدام بعدد من السيارات عندما كان يقوم بلدوزر (جرافة) مما أدى لإلى مقتل 3 أشخاص وجرح حوالي 30 شخصاً، ثم قتل السائق على يد ضابط شرطة إسرائيلي. لقد قرأت عن ذلك في مواقع الإنترنت، وكما تعودت كنت دائماً أقرأ لأعرف إن كان أحد الضحايا من معارفي – لا سمح الله. وكنت أسأل: هل نشروا الأسماء؟ وهو السؤال الذي يسأله أي إسرائيلي عندما يسمع عن أي حادث مروع. لقد شعرت بالإحباط من الذهاب إلى العمل في ذلك الصباح وأخبرت مايكل بما حدث. سألني مايكل: هل نشروا اسم الشخص الذي كان يقود البلدوزر (الجرافة)؟ في البداية لم أفهم ماذا كان يقصد، فلماذا يهتم باسمه؟ ولكن هناك أحد الأشخاص يهتم بذلك على الرغم من أن ذلك كان من الصعب علي قبوله.

نحن نتشارك في نفس الأذواق، لكن السلام يتطلب أكثر من المشاركة الإسرائيلية والفلسطينية في خبز البيتا وفتات الجبن والسماق والبصل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts