يجب أن نقيم في الجولان مدينة للاجئين السوريين
يحتم الواجب على دولة إسرائيل بالذات، لكونها دولة يهودية، أن تسير وفق تعليمات التوراة التي تقول: "لا تقف تنظر إلى دم جارك"، لذلك علينا أن نفتح على الفور الحدود في هضبة الجولان وأن نقيم مدينة لإنقاذ اللاجئين من نظام الأسد في سوريا.
ابراهام بورغ
عندما كانت جدتي تدق على أبواب سويسرا في تلك الأيام، أجابتها السلطات أن "قارب الإنقاذ قد امتلأ." فاستمرت حتى ماتت غرقاً في ترزينشتات. ومن دون تشبيه، عندما قصف صدام حسين إسرائيل خلال حرب الخليج في عام 1991، أوجد العديد من الأصحاب والأقارب من سكان المنطقة (أ) ملجأ يحميهم.
في أيامنا هذه هناك دوما مكان لشخص آخر في قوارب الإنقاذ. في كثير من الأحيان تحولت لحظات الأزمات والأخطار المحدقة لتصبح لحظات من التآخي والتضامن. نحن كرماء حتى عندما يدور الحديث عمن هم من دمنا ولحمنا: عندما تحدث كارثة في مكان ما من العالم، تستنفر على الفور مراكز الطوارىء ويتم إرسال الخيام ومعدات الغوث. هذا أمر طبيعي وإنساني، ويكاد يكون على الدوام سياسياً أيضاً.
يهب المتطوعون من بين صفوفنا بالعشرات لأن هذا ما يمليه عليهم ضميرهم، وتهب حكومة إسرائيل لمد يد العون بالموارد المتوفرة لديها كي تحظى بالنقاط الايجابية على مستوى الرأي العام العالمي والمحلي.
وها هو هذا السيناريو يحدث في الناحية الأخرى من الجدار، ونحن نتصرف وكأن الأمر يحدث في مكان ما من خلف المحيط، حيث تحدث كارثة سياسية من الدرجة الأولى مع جارتنا سوريا، ونحن نتصرف بعدم اكتراث وتهكم وسخرية، وبطريقة أسوأ مما كان عليه الحال في سويسرا في تلك الفترة. رغم كل ذلك، قبل السويسريون عدداً معيناً من اللاجئين اليهود قبل أن امتلأ القارب، أما نحن فلا نفكر مجرد تفكير بذلك. تحدث أحد الوزراء قائلاً لي: "هذا لا يخصنا"، أما زئيفي فتحدث من خلال مقابلة تلفزيونية قائلاً وهو يبتسم: "أنا أتمنى النجاح لكلا الطرفين"، وهو رئيس لجنة مهمة. أما الضابط رفيع المستوى فحاول أن يطمئن بقوله: "نحن على جاهزية لكل التطورات، والإصبع موجهه على الزناد."
لاجئة سورية في الأردن تقول: "نحن نتصرف وكأن الكارثة تحدث في مكان ما خلف المحيط. تصوير: رويترز
بشار الأسد هو مجرم حرب من النوع المنحط، ومن النوع الذي يذبح شعبه. لكن لا يمكن القول بأننا نحن أيضاً لا نتحمل أية مسؤولية. نحن مخالفين بتهمة عدم الاكتراث والتعجرف. يمكننا أن نتصرف بشكل مغاير. إسرائيل قادرة - ولذلك هي ملزمة أيضاً - أن تفتح على الفور الحدود ما بيننا وبين سوريا، وأن تقيم في الجولان "مدينة إنقاذ" للاجئين من النظام في سوريا.
حاولوا أن تنسوا ولو للحظة الصعوبات التي مصدرها في الأصل وسواس الملاحقة الإسرائيلي الذي يمكن تلخيصه بالطبع المعروف لنا جميعاً: "سوف يأتون ولن يغادروا." يمكن حل كل هذه الأمور، وحتى لو لم تحل، من الواجب علينا بأمر التوراة: "ألا تقف تنظر إلى دم جارك"، لأن الخطر الذي يهدد اللاجئين من النظام في سوريا يلغي كافة الاجتهادات الأخرى.
هذه هي المرجعية الداخلية الأعمق بالنسبة للدولة "اليهودية - الدين اليهودي والتوراة التي ورد فيها: "لا تفعل بجارك ما لا تحب أن يفعل بك." وعدم الاكتراث مقابل المطاردة السياسية ضدنا كان أمراً مكروهاً علينا منذ القدم. كذلك ورد في أحد النصوص التوراتية أن "من ينقذ روحاً واحدة وكأنه أنقذ العالم بأجمعه." ولا يتحدث النص الأصلي عن روح واحدة من بني إسرائيل، إنما عن الجنس البشري بأكمله.
أتخيل الابتسامات التهكمية والاستهزاء الساخر الفظ والحذلقة الاستبدادية مقابل هذا الاقتراح البسيط، الذي يكاد يكون ساذجاً. معظمنا ضحايا لأنفسهم. لقد أنجبت الحياة في ظل الشكوك إستراتيجية قومية تعتمد على أسوار صليبية عالية بيننا وبين محيطنا، واعتقاد أزلي بشأن بقاء الصراع في منطقتنا. لم نفحص أبداً الإمكانية الجوهرية والإستراتيجية لندمج أنفسنا في المنطقة، ولنكون جزءاً منها ومن مخاطرها وآمالها. المساعدة الفورية لمن هم مضطهدون من قبل الأسد هي الخيار الصحيح من الناحية الإنسانية، وهي فرصة لا تعوض أيضاً لمد يد العون والسلام إلى دول الشرق الأوسط.
فكروا لبرهة بأن إسرائيل تفتح أبوابها وتدعو العالم بأجمعه ليكون حاضراً وشريكاً في إدارة الموقع. متطوعون من البلاد والعالم يشاركون في إدارة المكان، وأطباء ومعلمون بلا حدود يعالجون ويعلمون، وحركات الشبيبة ومنظمات الغوث المدنية كلها تمد يد العون، وتساعد الشباب والشابات وتساعد المسنين وكل من هو محتاج. بهذا التآزر سوف يسقط نظام الأسد لأنه حان أجله، وسوف يعود اللاجئون إلى بيوتهم - إلى دمشق وحمص. أنا أشك بأنه سوف يكون هناك سفراء أفضل منهم لدولة إسرائيل حيث أن أرواحهم أنقذت ولأنه لأول مرة في تاريخ الدولة تقوم إسرائيل بتغيير استراتيجيتها في المنطقة.
إذا حدث هذا فسوف ينقلب مصير دولة إسرائيل من العزل الدولي إلى الأخوة والتضامن مع أبناء المجتمع في الشرق الأوسط ا
يحتم الواجب على دولة إسرائيل بالذات، لكونها دولة يهودية، أن تسير وفق تعليمات التوراة التي تقول: "لا تقف تنظر إلى دم جارك"، لذلك علينا أن نفتح على الفور الحدود في هضبة الجولان وأن نقيم مدينة لإنقاذ اللاجئين من نظام الأسد في سوريا.
ابراهام بورغ
عندما كانت جدتي تدق على أبواب سويسرا في تلك الأيام، أجابتها السلطات أن "قارب الإنقاذ قد امتلأ." فاستمرت حتى ماتت غرقاً في ترزينشتات. ومن دون تشبيه، عندما قصف صدام حسين إسرائيل خلال حرب الخليج في عام 1991، أوجد العديد من الأصحاب والأقارب من سكان المنطقة (أ) ملجأ يحميهم.
في أيامنا هذه هناك دوما مكان لشخص آخر في قوارب الإنقاذ. في كثير من الأحيان تحولت لحظات الأزمات والأخطار المحدقة لتصبح لحظات من التآخي والتضامن. نحن كرماء حتى عندما يدور الحديث عمن هم من دمنا ولحمنا: عندما تحدث كارثة في مكان ما من العالم، تستنفر على الفور مراكز الطوارىء ويتم إرسال الخيام ومعدات الغوث. هذا أمر طبيعي وإنساني، ويكاد يكون على الدوام سياسياً أيضاً.
يهب المتطوعون من بين صفوفنا بالعشرات لأن هذا ما يمليه عليهم ضميرهم، وتهب حكومة إسرائيل لمد يد العون بالموارد المتوفرة لديها كي تحظى بالنقاط الايجابية على مستوى الرأي العام العالمي والمحلي.
وها هو هذا السيناريو يحدث في الناحية الأخرى من الجدار، ونحن نتصرف وكأن الأمر يحدث في مكان ما من خلف المحيط، حيث تحدث كارثة سياسية من الدرجة الأولى مع جارتنا سوريا، ونحن نتصرف بعدم اكتراث وتهكم وسخرية، وبطريقة أسوأ مما كان عليه الحال في سويسرا في تلك الفترة. رغم كل ذلك، قبل السويسريون عدداً معيناً من اللاجئين اليهود قبل أن امتلأ القارب، أما نحن فلا نفكر مجرد تفكير بذلك. تحدث أحد الوزراء قائلاً لي: "هذا لا يخصنا"، أما زئيفي فتحدث من خلال مقابلة تلفزيونية قائلاً وهو يبتسم: "أنا أتمنى النجاح لكلا الطرفين"، وهو رئيس لجنة مهمة. أما الضابط رفيع المستوى فحاول أن يطمئن بقوله: "نحن على جاهزية لكل التطورات، والإصبع موجهه على الزناد."
لاجئة سورية في الأردن تقول: "نحن نتصرف وكأن الكارثة تحدث في مكان ما خلف المحيط. تصوير: رويترز
بشار الأسد هو مجرم حرب من النوع المنحط، ومن النوع الذي يذبح شعبه. لكن لا يمكن القول بأننا نحن أيضاً لا نتحمل أية مسؤولية. نحن مخالفين بتهمة عدم الاكتراث والتعجرف. يمكننا أن نتصرف بشكل مغاير. إسرائيل قادرة - ولذلك هي ملزمة أيضاً - أن تفتح على الفور الحدود ما بيننا وبين سوريا، وأن تقيم في الجولان "مدينة إنقاذ" للاجئين من النظام في سوريا.
حاولوا أن تنسوا ولو للحظة الصعوبات التي مصدرها في الأصل وسواس الملاحقة الإسرائيلي الذي يمكن تلخيصه بالطبع المعروف لنا جميعاً: "سوف يأتون ولن يغادروا." يمكن حل كل هذه الأمور، وحتى لو لم تحل، من الواجب علينا بأمر التوراة: "ألا تقف تنظر إلى دم جارك"، لأن الخطر الذي يهدد اللاجئين من النظام في سوريا يلغي كافة الاجتهادات الأخرى.
هذه هي المرجعية الداخلية الأعمق بالنسبة للدولة "اليهودية - الدين اليهودي والتوراة التي ورد فيها: "لا تفعل بجارك ما لا تحب أن يفعل بك." وعدم الاكتراث مقابل المطاردة السياسية ضدنا كان أمراً مكروهاً علينا منذ القدم. كذلك ورد في أحد النصوص التوراتية أن "من ينقذ روحاً واحدة وكأنه أنقذ العالم بأجمعه." ولا يتحدث النص الأصلي عن روح واحدة من بني إسرائيل، إنما عن الجنس البشري بأكمله.
أتخيل الابتسامات التهكمية والاستهزاء الساخر الفظ والحذلقة الاستبدادية مقابل هذا الاقتراح البسيط، الذي يكاد يكون ساذجاً. معظمنا ضحايا لأنفسهم. لقد أنجبت الحياة في ظل الشكوك إستراتيجية قومية تعتمد على أسوار صليبية عالية بيننا وبين محيطنا، واعتقاد أزلي بشأن بقاء الصراع في منطقتنا. لم نفحص أبداً الإمكانية الجوهرية والإستراتيجية لندمج أنفسنا في المنطقة، ولنكون جزءاً منها ومن مخاطرها وآمالها. المساعدة الفورية لمن هم مضطهدون من قبل الأسد هي الخيار الصحيح من الناحية الإنسانية، وهي فرصة لا تعوض أيضاً لمد يد العون والسلام إلى دول الشرق الأوسط.
فكروا لبرهة بأن إسرائيل تفتح أبوابها وتدعو العالم بأجمعه ليكون حاضراً وشريكاً في إدارة الموقع. متطوعون من البلاد والعالم يشاركون في إدارة المكان، وأطباء ومعلمون بلا حدود يعالجون ويعلمون، وحركات الشبيبة ومنظمات الغوث المدنية كلها تمد يد العون، وتساعد الشباب والشابات وتساعد المسنين وكل من هو محتاج. بهذا التآزر سوف يسقط نظام الأسد لأنه حان أجله، وسوف يعود اللاجئون إلى بيوتهم - إلى دمشق وحمص. أنا أشك بأنه سوف يكون هناك سفراء أفضل منهم لدولة إسرائيل حيث أن أرواحهم أنقذت ولأنه لأول مرة في تاريخ الدولة تقوم إسرائيل بتغيير استراتيجيتها في المنطقة.
إذا حدث هذا فسوف ينقلب مصير دولة إسرائيل من العزل الدولي إلى الأخوة والتضامن مع أبناء المجتمع في الشرق الأوسط ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق