مطلوب إيجاد مخرج يحفظ ماء الوجه
العلاقات الطيبة مع تركيا لا تكتسب أهمية بسبب التجارة والسياحة فحسب، وإنما بسبب أهمية الحفاظ على الصداقة التي تربطنا بدولة إسلامية صديقة
سوف يُسجل العام 2011 في التاريخ على أنه بمثابة هزة عالمية سياسية واقتصادية. وعلى ما يبدو أنه أينما توجهنا نجد الدول والقوى العظمى في كافة أنحاء العالم تمر بقلاقل وهزات فريدة من نوعها في قوتها وحجمها. فقد سقطت أنظمة حكم ديكتاتورية، وانهارت دول في أوروبا من الناحية الاقتصادية، وها هي الولايات المتحدة على عتبة إعلان إفلاسها، وفي اليابان ما زالوا يلملمون الأشلاء والشظايا من جراء الهزة الأرضية المدمرة. كل هذا يشير إلى نهاية عصر جديد، مما يدعو البشرية جمعاء لأن تتساءل حول الطريقة التي نعيش بها وكيف يبدو مستقبلنا.
كما تطرح هذه المعضلات في السياق الإسرائيلي أيضاً، فدولة إسرائيل هي أشبه ما تكون بسفينة صغيرة تحاول أن تبحر وسط الأمواج المتلاطمة. في وقت ليس ببعيد سوف تضطر دولتنا إلى أن تواجه عدداً من التغيرات الجوهرية التي قد تؤثر على مستقبلها، وعلى رأسها الضائقة الاقتصادية في الولايات المتحدة. في الوقت الحالي، تتمتع إسرائيل بدعم يقدر بعدة مليارات من الدولارات من الحكومة الأمريكية، لكن حاجة الولايات المتحدة لتقليص الدين الخارجي قد تمس بهذا الدعم. كذلك، تقع أوروبا تحت ضغط ضائقة اقتصادية تهدد وحدة دول اليورو.
تؤثر هذه التغيرات بشكل مباشر على قدرة التصدير بالنسبة لإسرائيل وعلى قدرتها في تجنيد الدعم والاستثمار من أوروبا. مع كل هذا، أنا إنسان متفائل بطبعي، وأرى في كل أزمة فرصة للتجديد. تتمتع إسرائيل باقتصاد قوي وتتطلع الكثير من الدول إلى الوصول إلى مستواها الاقتصادي. لقد سمحت لنا القيادة الاقتصادية والدعم الحكومي للبنوك والإدارة الحكيمة لمحافظ بنك إسرائيل "ستانلي فيشر" بأن نقف بقوة وأن نصمد أمام قوى السوق، وقد أدى ذلك فعلياً إلى زيادة الإنتاج والاقتصاد المحلي. لذلك أنا متأكد أيضاً أن إسرائيل سوف تنجح في العام الجديد في مواجهة التحديات وأن تتفوق على كل أزمة اقتصادية قد تعصف بها- وفي نهاية المطاف سوف تخرج أقوى مما كانت عليه.
الأزمة القائمة بين إسرائيل وتركيا يوجد لها حل أيضاً. أنا شخصياً تشرفت بفرصة تكوين صداقات حقيقية مع العديد من الأتراك، تماماً كغيري ممن ينشط منذ سنوات طويلة في مجال الأعمال بشكل عام وفي مجال السفن بشكل خاص، وفي الماضي حصلت أيضاً على لقب "صديق مدينة ألانيا". من خلال معرفتي بالشعب التركي، لا شك أنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم هم أيضا قد اقترفوا خطاً كما فعل الجانب الإسرائيلي. لذلك على الطرفين أن يفكرا بجدية ويستغلا الوقت وأن يفكرا في البحث عن خطوات يمكن من خلالها إيجاد طريقة للتوصل إلى تسوية تسمح بحفظ ماء الوجه لكلا الطرفين. إن استمرار العلاقات الجيدة مع تركيا لا يكتسب أهمية بالنسبة لإسرائيل بسبب التجارة والسياحة فقط، وإنما بسبب الأهمية السياسية والدبلوماسية الكامنة في الاحتفاظ بصداقتنا مع دولة إسلامية صديقة. وإن تحسين العلاقات بين إسرائيل وتركيا - وكذلك استمرار صداقتنا مع اليونان وقبرص - أمر مهم للسلام في المنطقة برمتها، وسوف يساعد على كبح التوتر فيما بينهما.
الهزة الأرضية الخاصة بالنسبة لي هي موجة الاحتجاجات الاجتماعية. بصفتي شخص صهيوني يربط مصيره بمصير هذه البلاد، يؤلمني أن أرى أشخاصاً مثلي يحبون هذه البلاد ولكنهم لا يستطيعون على العيش بكرامة فيها. لذلك يجب أن تكون السنة القادمة سنة تغيير. على الأحزاب أن تسمو فوق الفجوات السياسية وأن تبدأ بتغير ذي أهمية في سلم الأولويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكننا من خلاله إنقاذ الدولة والحفاظ على أنفسنا أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق