توصيات جيدة وتوصيات سيئة
العادات المتبعة في عالم الانترنت تنعكس أيضا في العالم الحقيقي وتمس تقديم توصية لصالح شخص معين من اجل الحصول على وظيفة
يعيل مهودر
في هذه الأيام، أصبح من السهل وضع توصية لصالح شخص معين تعرفه من أجل حصوله على وظيفة معينة، وهناك عدد أقل من العقبات تقف أمام وضع توصية سيئة على موظف سابق. لماذا يحدث هذا، وما هو السيئ في هذا الأمر؟
تسرب الفيسبوك إلى الواقع
عندما ننظر بشكل محدد في سياق عالم العمل تسمح لنا شبكات التواصل الاجتماعي بالربط بسهولة بين الأشخاص، وهذا أمر إيجابي. ولكن بنظرة أوسع، لم تعد الحدود واضحة بالنسبة للفصل بين علاقات الصداقة والعلاقات المهنية، وبين ما يسمح بكتابته في عالم الانترنت وما يمنع قوله في العالم الحقيقي.
ما علاقة كل هذا بالتوصية على العاملين؟ تتلاشي الحدود في العلاقات الودية وعلاقات العمل ويتم الانتقال أيضا إلى العالم الحقيقي من عالم الانترنت، حيث يزداد الميل إلى المشاركة والربط والاتصال.
العمال والمشغلون والمتنافسون- جميعهم يديرون علاقات أقل رسمية فيما بينهم أيضاً، وأصبح من السهل الآن العثور على عمل ومزودين. يكفي أن ننشر إعلان على الفيسبوك، وسوف تبدأ الردود ذات الكلمات المزينة بالتدفق إليك. ما أسهل أن توصي هكذا على "أصدقائك" بشكل غير رسمي وغير ملزم أيضاً.
هل هذه أخبار جيدة حقاً، أم أنه يجب أن نشدد من جديد ونبرز تلك الحدود التي قد اختفت على ما يبدو؟
نادي الأصدقاء
إن مسألة وضع توصية على صديق كموظف جديد في مؤسسة معينة لها أبعاد على المستوى الشخصي. على سبيل المثال، عندما يفترض أن يكون الصديق موظفاً لدى من أوصى عليه، على من يقدم التوصية؟ وهل يتوقع منه أن يكون صديقاً ومديراً على صديقه في آن واحد؟ ربما يؤدي مثل هذا الوضع إلى نشوب نزاعات لم تكن موجودة عندما كنا نتحدث عن علاقة الصداقة فحسب.
قبل فترة قصيرة بلغني أن مديرة أدخلت إلى طاقمها في العمل امرأة كانت قد تواصلت معها عن طريق منتدى سيرة عمل عن طريق الانترنيت. وقد كانت على علم بأنها بحاجة لموظفة، وبسبب العلاقة القريبة التي نشأت بينهما، قامت بإدخالها إلى تلك المؤسسة كموظفة في طاقمها في اللحظة التي وجدت فيها إمكانية لذلك. بعد حوالي شهرين، بلغ المديرة معلومات أن تلك المرأة تتحدث عنها بالسوء مع صديقاتها في طاقم العمل، فندمت على مساعدتها، لكنها كانت مقيدة لأنها خشيت أن تقوم بخطوات قد تمس بمكانتها في المنتدى الذي ما زالت تديره.
زيادة على ذلك، السمعة السيئة هي مرض معد: يقوم عامل بتقديم توصية على صديق له في حضرة المدير، ومن ثم يعتمد المدير التوصية ويقبله للعمل. ولاحقاً يتبين بأن هذا كان تجنيد فاشل، والمدير يتذكر من هو "المذنب" الرئيسي في هذا- العامل الذي تقدم بالتوصية. لذلك فإن مصداقية العمل في نظر مديره قد انخفضت، وكذلك قدرة حكمه على الأشخاص، هذا قد يؤدي إلى أزمة على مستوى صورة الشخص في المؤسسة.
هذا الخطر موجود أيضاً في التوصية على صديق لمنظمة أخرى. عندما لا يثبت الصديق نفسه، يفقد الشخص الذي قدم التوصية بشكل فوري من قيمته بنظر الجهة التي قامت بالتجنيد. حتى لو لم يكن مديره- في حال كانت هنا فرصة لإمكانية القيام بعلاقات عمل- فإن هذه الفرصة قد تتعرض لضرر كبير. وإن كنا نتحدث عن شركة مجندة ذات اسم وتأثير فهذا أمر أخطر، حيث أن هذا قد يصل في أيامنا هذه بكل سهولة إلى شخصيات أخرى من نفس المجال: ("اسمع، هذا الشخص نصحني بأن أشغل صديقه، وأدخلني في مشكلة جدية. رأيت بأنك أنت أيضا صديقه على الفيسبوك، وأردت أن أحذرك منه").
قوانين الغاب
تتعقد الأمور في حال تقديم توصيات سلبية. بعض المشغلين يشعرون بأن عليهم أن يقولوا الكلمة الأخيرة عندما يغادر موظف في ظروف غير منطقية على أقل تعبير، أو أن يحذروا مشغلين آخرين من هذا الموظف. ربما هناك بعض الصدق في التوصية السلبية، ولكن اليوم - أكثر من أي وقت مضى - لا يتم القيام بهذا الأمر من خلال توخي الحيطة والحذر. حيث يقول المشغلون أكثر مما يجب قوله، ليس فقط بالنسبة لمشغل محتمل يستشيرهم، بل يقعون في شرك قضايا التشهير والقذف.
في كثير من الأحيان يكتشف الموظف السابق بأنه قد حصل على توصية سلبية من قبل مشغله، وبكل سهولة يقوم بالاتصال مع زملاء سابقين من المنظمة ويسرد لهم ما حصل. بهذه الطريقة، يلصق المدير لنفسه صورة سلبية، عديمة الإحساس أو الدعم، ولا يمكن الوثوق به. وهذا يشكل خطراً على علاقته معهم، وبكونهم سفراء للمؤسسة، فإن المساس بسمعته قد يتسرب إلى خارج المؤسسة أيضاً.
عندما تنتقل المعلومات بكل سهولة من خلال شبكة الانترنت، على المشغلين أن يحذروا بشكل أكبر عندما يتحدثون عن موظفين سابقين. وعندما يتصل المشغل بهم للحصول على توصية، عليهم أن يختاروا كلماتهم جيداً: وأن لا يقدموا صورة وهمية، وألا يصرحوا بتصريحات أكيدة بالنسبة لمعطيات تحت الفحص والتأكيد، على سبيل المثال: "تم إلغاء مشروعين شارك فيهما العامل بسبب عدم استيفاء الأهداف".
استعملوا عقولكم
مع هذا ... ماذا يجب أن نفعل عندما نلتقي شخصاً نعرفه عاطل عن العمل، وينتابك شعور بالشفقة، وتوجد حاجة لتقديم توصية بشأنه بخصوص فرصة عمل؟ أولاً، أن نطرح أسئلة: هل أنا أعرف حقاً هذا الشخص حق المعرفة؟ هل المعرفة سطحية أم عميقة؟ هل هي معرفة قديمة أم لا؟ هل تمس هذه المعرفة نشاطه في العمل؟
حتى عندما يبدو أن المعرفة كافية، من المهم التصرف على أنك مجند حقيقي، وأن تتحقق من الشخص الذي توصي بشأنه. هذا لتجنب أوضاع مثيرة للارتباك، يستحسن أيضا الوقوف على مدى جديته والتحدث معه بشأن الثقافة الإدارية في المؤسسة، ومتطلبات الوظيفة، وواجبات الوظيفة، ومقاييس النجاح في المنظمة وأسلوب الأشخاص الذين يعملون في المؤسسة. وبناء على ردوده على المعلومات وتعاونه، يمكن أن نعرف درجة اهتمامه بالوظيفة.
بالنسبة لإبداء رأي سلبي بشأن عامل أو موظف سابق- ينبغي توخي الحذر. من المهم أن نقوم بصياغة ما نقوله بقالب رأي شخصي ومتحفظ، وليس كموقف حاسم. على سبيل المثال بدل من القول: "انه موظف سيء"، ينبغي أن نقول "أظن أنه غير لائق للوظيفة". وفي حال أنه في أعقاب ذلك يرغب من يطلب المعلومات بأن يعرف المزيد عن الوظيفة (ليفهم لماذا "غير لائق")، يمكن أن نتحدث قليلاً وبشكل موضوعي عن "عنوان" الوظيفة، والمدة الزمنية التي عمل بها، وهل تمت ترقيته أو حصل على مكافآت وجوائز أياً كانت، ولكن ليس أكثر من ذلك.
في النهاية، ينصح بتجنب استخدام أوصاف متطرفة مثل ("مثالي"، "مدهش"، "فظيع"). فهي أوصاف عديمة المصداقية، وفي غالب الأحيان لا تلائم الواقع وتلقي خيبة الأمل. يجب الحفاظ على الاهتمام، وأن تزود فقط معلومات ذات صلة بحاجة الجهة التي تقدم على التجنيد.
- ما هي المشاكل الأخرى التي تواجهونها بخصوص تقديم توصيات؟ كيف يمكن مواجهتها؟
-قمتم بالتوصية على صديق لعمل ما، وتبين بأنه فشل فشلاً ذريعاً. كيف عليكم أن تتصرفوا الآن إزاء المؤسسة والصديق؟
يعيل موهودر هي مستشارة تنظيمية. وتعتمد في مقالاتها على الخبرة التي اكتسبتها من الاستشارة في منظمات الهايتك والصناعة وكذلك في التعامل مع المجموعات والأفراد. تهدف المقالات التي تكتبها إلى الإثراء وليست بديلاً عن استشارة مهنية وشخصية تتلائم مع كل فرد وشخص، ولا يمكن الاعتماد عليها على أنها لهذا الغرض. يجب أن نشدد على أن التفاصيل الشخصية قد حذفت من خلال المقال من أجل الحفاظ على خصوصية الأشخاص الضالعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق