البشارة وفقاً للناصرة: فنادق بوتيك وحانات وارتفاع في
عدد السائحين (من ترجمتي)
المدينة العربية الأكبر في البلاد تتقدم لتصبح خلال العامين
الماضيين على الخارطة السياحة بالنسبة للإسرائيليين، ولا عجب إن لم تتمكنوا من
العثور على أماكن لإيقاف سياراتكم!
رينا روزينبرغ
في اللحظة التي ترون فيها مكاناً شاغراً لإيقاف السيارة
عند مدخل الناصرة، لا تفكروا مرتين، بل عليكم بالوقوف دون تردد. ضائقة العثور على أماكن
إيقاف للسيارات في مركز المدينة العربية الأكبر في إسرائيل هي سبب واحد فقط لإيقاف
السيارة مباشرة عندما تصلون إلى المدينة، لكنه ليس السبب الوحيد. يقول أحد
السائقين الذي رافقنا خلال الجولة في المدينة وهو يقود السيارة إلى شارع في مدخله
شارة "ممنوع الدخول" بخط أحمر فاقع إن "شارات المرور في شوارع
الناصرة هي بمثابة توصية فقط.".
أقوال السائق تدعم ما لا يتفاجأ به سائقو في الاتجاه المقابل
عندما تسير أحد السيارات ضد حركة السير في الشارع ذي الاتجاه الواحد. ويتابع
السائق قائلاً: "من ينجح في قيادة السيارة في الناصرة من دون التسبب بحادث
سير، يمكنه أن يحترف السواقة في أي مكان في العالم."
تعتبر ضائقة إيقاف السيارات في المدينة مشكلة قديمة. ولكن
المشكلة تفاقمت حدتها في العامين الماضيين بعد أن اكتشف السائح الإسرائيلي أجواء المدينة،
فأصبحت هذه المشكلة بالطبع من المشاكل التي يغلب عليها الطابع الإيجابي نتيجة
للحركة السياحية.
تقول أورلي من رمات هشارون، التي وصلت لقضاء عضلة في
المدينة: "أشعر بأنها مدينة عالمية. اليهود والعرب والمسيحيون والمسلمون والسياح
جميعهم وحدة واحدة. أشعر وكأنني موجودة في خارج البلاد. هذه ليست المرة الأولى
التي أحضر فيها إلى الناصرة، لكن الأمر يختلف تماماً هذه المرة: ثمة شيء ما يحدث
هنا ويتجدد، وكأن المدينة حصلت على روح جديدة وعادت إليها الحياة."
إحساس أورلي في محله، فمدينة الناصرة تعيش في خضم حركة
سياحية قوية من الصعب عدم ملاحظتها. في العامين الماضيين طرأ ارتفاع بنسبة 39% على
عدد السياح الإسرائيليين المقيمين في فنادق المدينة، حيث تم إقامة نحو 350 غرفة
استضافة جديدة في المدينة وفتح أكثر من عشر مطاعم جديدة. كذلك تم افتتاح مشاريع
سياحية جديدة، مثل مركز مريم الدولي، الذي يقدم جولة افتراضية تحكي قصة حياة والدة
المسيح.
طارق شحادة، الذي يشغل منصب المدير العام لجمعية السياحة
في الناصرة، يتحدث عن التغيير الجوهري الذي شهدته المدينة قائلاً: "قبل عشر
سنوات لم يكن هنا أي شيء، واليوم تعتبر المدينة قوة عظمى في مجال خدمات الطعام."
لم يعد دُخُل وحده، وهو الشيف الأسطوري والمشهور من مطعم
ديانا، أحد رموز عالم الطعام في الناصرة والذي كان في العقد الماضي الممثل الوحيد
لهذا العالم في المدينة. يقول حيليك غورفينكل، ناقد المطاعم في موقع
"مبا": " لو فُتحت عشرة مطاعم في خلال بضع سنوات في تل أبيب فهذا
لن يثير انطباع أي شخص، لكن عندما يدور الحديث عن مدينة عربية في شمال البلاد،
فهذا حقاً مثير للانطباع."
قوة عظمى في مجال الطعام
الأمر لا يتعلق بعدد المطاعم المثيرة للانطباع فحسب، بل
هناك ميزات تتمتع بها المطاعم الخاصة التي فُتحت في الناصرة والتي تلعب دوراً
مهماً في تنشيط الحركة السياحية في المدينة. مطعم "صدفة" هو أحد المطاعم
الرائدة في المدينة، الذي لا يمكنكم أن تجدوا فيه مكاناً في نهاية الأسبوع إلا إذا
حجزتم مسبقاً، ويقع هذا المطعم في ساحة العين. المطعم هو عبارة عن مبنى قديم يعود
تاريخه إلى ما قبل 200 سنة خلال فترة الحكم العثماني بجدرانه الحجرية السميكة وأسقفه
المقعرة ونوافذه المقوسة وبئر الماء الذي ما زال موجوداً في الساحة الداخلية
للمطعم.
وقبل أن تبدأ السهرة في مطعم "صدفة" يجلس زوج
من السياح يحملان كؤوس النبيذ وإلى جانبهما رجل ينتظر رفيقته وبيده كأس ويسكي. وفي
اللحظة التي ندخل فيها المكان، من الصعب ألا نلحظ الحانة التي تنعكس من الفاترينا.
حول هذا الترتيب تقول صاحبة المطعم ماري أبو جابر: "هذا مقصود. أردت أن أشدد على
مسألة الكحول، والتي هي جزء من ثقافة الوسط العربي. لسبب ما يحاولون إخفاء هذا الترتيب
نظراً لوجود آراء مسبقة حول هذا الموضوع، لكنني فخورة بهذا."
تُقدم الكحول في أماكن أخرى من المدينة أيضاً على الرغم من
أنها تضم مجتمعات مسلمة. قبل نحو عام افتتح هشام خليلية حانة مسك تضاهي في تصميمها
حانات تل أبيب الفخمة. كذلك في فندق البوتيك في الناصرة افتتحت مؤخراً حانة في
الساحة الخلفية من الفندق، علماً بأن الجمهور في المدينة قد "ظمأ" لذلك.
لكننا وجدنا الكحول الفريدة من نوعها في مكان آخر. وجدنا
هذه الكحول في مطعم الرضا، الذي يحمل شارة "يوصى به من قبل موقع مبا"، على
الرغم من أن المطعم موجود في مبنى قديم. إلى جانب جدران الحجر، هناك الأثاث القديم
وصورة كبيرة لأم كلثوم ("أغاني أم كلثوم هي الموسيقى الوحيدة التي نسمعها في
ساعات الليل"). يحتفظ صاحب المطعم، السيد ظاهر زيداني، بأكثر من 30 زجاجة
كونياك وأرمينياك وروم في خزانة زجاجية خاصة في مدخل المطعم، وقد برر احتفاظه بهذه
الأنواع من المشروبات حينما قال: "أريد أن أعرّف الناس على آفاق عالم جديد، وألا
يشربوا الفودكا وجوني ووكر دوماً".
على العكس من الصورة التي نضعها في خيالنا، فإن المطاعم
الجديدة التي أقيمت في المدينة لا تقدم الطعام العربي الكلاسيكي، بل تدمج ما بينه
وبين المطبخ الغربي. على سبيل المثال، في مطعم "صدفة" نجد من الطعام
الغربي وجبة "لحم تريو" التي تشمل أضلاع من لحم الضأن وقطع فيليه من لحم
العجل وسينتا، لكن المطعم يقدم أيضاً وجبة طاجين شريمبس في الفرن مع طحينة وبصل.
في مطعم الرضا يقدمون وجبات لحوم مثل الكباب من لحم الضأن والعجل على الفحم، إلى
جانب وجبات أولى مثل ترتر سلومون مدخن. يقول غورفينكل: "تتوجه المطاعم
الجديدة في المدينة إلى الجمهور المحلي، ومن حقه أن يرغب بوجبات غير الطعام
العربي". من خلال التصفح في قائمة الطعام يمكن أن نرى أيضاً بأن الأسعار
غربية. على سبيل المثال، يصل سعر الفواكه إلى 90 شيكل، وتصل أسعار وجبات اللحوم إلى
130 شيكل. يتساءل غورفينكل "متى كتب على العربي أن يبيع بأسعار رخيصة؟ الناس
الذين دفعوا هذه الأسعار في الناصرة ويتذمرون بشان ذلك كانوا قد دفعوا قبل يوم نفس
السعر على وجبة مشابهة في تل أبيب، لذلك يجب ألا يكونوا مداهنين."
لقد صدر في الآونة الأخيرة كتاب يتوج التغيير في عالم
الطعام في المدينة، وهذا الكتاب بقلم الينور رابين، التي تؤلف كتب الطبخ. تشير المؤلفة
في كتابها إلى أن المدينة "تحولت إلى مركز لمطاعم تقدم أنواع مثيرة من الطعام،
فقد تحولت في وقت قصير للغاية من مطاعم تقدم الحمص والطحينة وأضلاع لحوم الضأن على
الفحم والحلويات كالبقلاوة إلى مطاعم راقية تقدم وجبات تضاهي أفخر وأفضل المطاعم
في إسرائيل".
على الرغم الإعجاب الذي يظهره الزوار لهذا التغيير، وعلى
الرغم من زخم الحركة في المدينة، ما زال معظم أصحاب المطاعم يعتمدون على السكان
المحليين كمصدر رئيسي للرزق. تقول أبو جابر: "السياحة إلى الناصرة هشة جداً.ً
يمكن أن يقع غداً حادث على خلفية أمنية في المدينة، وقد يتوقف الناس عن الحضور إلى
هنا."
فنادق بوتيك بأسعار معقولة
على مقربة من مطعم "صدفة"، أقيم قبل نحو نصف
سنة فندق بوتيك فيلا الناصرة. قبل أقامته كانت المكان مدرسة ابتدائية، لكن عندما
انتهى العقد بين البلدية ومجلس الطائفة الأرثوذكسية، التي يتبع إليها المنزل،
استغل أمير شحادة المسألة وهو شاب يبلغ من العمر 31 سنة، ومصمم معماري، وقرر أن
يحول المكان إلى فندق بوتيك.
يقول شحادة، الذي استثمر في المكان مبلغ 3.5 مليون شيكل:
"أحببت جداً دراسة الفن المعماري، لكن بعد أن صممت عدداً من الفيلات أدركت أن
هذا لا يناسبني مع كل ما يحيط بهذا العمل من البيروقراطية. خرجت في رحلة إلى
أفريقيا لمدة سنة، وعندما عدت قررت الانتقال إلى مجال الإدارة الفندقية."
ينضم فندق فيلا الناصرة إلى عدد من الفنادق الجديدة التي
أقيمت في المدينة في العامين الماضيين، ومن ضمنها غولدن كراون في البلدة القديمة، وغاردينيا
وفندق نوتردام. يمكن القول بشكل عام إن النهضة في مجال السياحة في المدينة في
أوجها، حيث قامت دائرة أراضي إسرائيل مؤخراً بشراء قطعتي أرض لإقامة فنادق عليهما،
وهناك ثلاثة فنادق أخرى موجودة الآن قيد الإنشاء ومن المفترض أن تضيف للمدينة نحو
430 غرفة أخرى.
يشمل الفندق الجديد الخاص بأمير شحادة 18 غرفة في طابقين، حيث تمنح جدران الحجر في الواجهة
منظراً كلاسيكياً للفندق. وعند دخولك إلى المكان تدرك بأننا نتحدث هنا عن فندق
بوتيك عصري بتصميم متميز. على الرغم من ذلك، فإن الأسعار بعيدة جداً عما هو متبع
في فنادق البوتيك الجديدة (450-500 شيكل لليلة في نهاية الأسبوع، ويشمل ذلك وجبة الإفطار).
يمكنكم أن تجدوا في الناصرة أسعار أرخص من ذلك أيضاً تصل إلى 90 شيكل لكل ليلة في حال اخترتم النوم في غرفة مشتركة مع عدد من السياح
في واحد من بيوت الضيافة في المدينة، مثل نزل فوزي عزار ونزل أبو سعيد. تشجع مثل
هذه الأماكن ثقافة التجوال والترحال التي يعشقها الإسرائيليون عندما يتجولون في
الشرق الأقصى، لكنهم ينبذونها عندما يكونون في إسرائيل.
الشخص الذي جعل الناصرة وجهة محببة على الرحالة، سواء من
الأجانب أو الإسرائيليين، هو معوز يانون البالغ من العمر 37 سنة، وهو من سكان بلدة
بنيامينا. افتتح يانون قبل سبع سنوات نزل فوزي عزار في البلدة القديمة في بناية
عزبة جميلة كانت مهجورة حتى ذلك الوقت. يوجد في البيت ساحة داخلية واسعة، وأسقف
عالية مزينة بالرسومات التي تعود إلى ما قبل أكثر من مئة سنة، ويقدم للضيوف مطبخاً
وثلاجة مشتركة. يقول يانون: "كل واحد يشتري الأكل الخاص به ويضع عليه لاصق يحمل
اسمه، وهكذا يعرف الجميع بأن اللمس ممنوع ."
منذ ذلك الوقت افتتح يانون المزيد من بيوت الضيافة في
الناصرة مع شريكته إيمان زعبي. تقول زعبي: "لا يوجد لدينا بركة وجاكوزي كما
هو الحال في الفندق. وحتى أننا اخترنا ألا نضع أجهزة تلفاز في الغرف لكي يتوصل
الضيوف مع بعضهم البعض ولا يبقوا في الغرف وحدهم". في نهايات الأسبوع، وفي
العطل والأعياد تمتلئ بيوت الضيافة بالعائلات مع الأولاد والعائلات الممتدة التي
ترغب بقضاء الوقت سوية. بمقابل ذلك، بالنسبة للسياح من خارج البلاد، فإنهم ينجذبون
إلى بيوت الضيافة على مدار السنة. تقول استر أستراخ من كندا، وهي متقاعدة في الستينات
من العمر، وكانت تقيم في غرفة مشتركة في نزل فوزي عزار: "عندما أتجول لا
يمكنني أن أتكبد كلفة الفندق بشكل يومي، لذلك فأنا أنام في غرفة مشتركة مع أشخاص
آخرين، وهذا لا يزعجني."
ربما توفر أستراخ في كلفة المبيت، لكنها لا تترك المال
في محفظتها. بعد دقائق من انتهائها من ترتيب حقيبة السفر خاصتها قبيل جولة في
المدينة، قامت بدفع نحو 270 شيكل ثمن وسائد تباع في النزل من إنتاج مناطق السلطة
الفلسطينية. سألنا أستراخ: "هل اشتريت هذه الوسائد بسبب قيمتها
المضافة؟" فأجابت: "لا، بكل بساطة لأنها جميلة في نظري."
يصغي يانون لأقوال أستراخ ويقول: "هذا هو الفرق ما
بين سياحة الحجيج وسياحة التجوال. المتجول هو مستهلك للثقافة والحضارة والمقاهي والمتاجر
والمعارض، ينثر ماله في العديد من المصالح بشكل أوسع من سياحة الحجيج، التي تقوم
وزارة السياحة بالتوجه إليها لجذبها. تقوم استراخ باستثمار مبلغ أقل على سرير
المبيت، لكن مساهمتها في المصالح المحلية يمكن أن تكون بعشرة أضعاف من سائح الحج،
الذي يدفع نحو 50 دولاراً في اليوم شاملة للإقامة في الفندق ولا شيء غير ذلك."
بالرغم من ذلك، يتذمر يانون ويقول إن المقاهي التي تتوجه
لجذب سائحي التجوال لا تتمتع بميزانيات التسويق والدعاية التي تقدمها وزارة
السياحة في خارج البلاد، ويضطرون للاعتماد على طرق الدعاية للمصالح بطرق خلاقة.
مثلاً، يقوم يانون بنشر دعاية لبيت الاستضافة الخاص به في المدينة من خلال استضافة
صحافيين من كل أنحاء العالم، ومن بينهم توني ويلر، مؤسس كتب التجوال "لونلي
بلانيت"، الذي مكث في بيت الاستضافة لدى فوزي عزار عدة مرات في الماضي،
ويمنحها مكاناً محترماً في كتبه منذ سنوات.
كذلك فإن زعبي تتابع عن كثب النشرات بخصوصها في موقع Tripadvisor ، حيث حصلت فيه على علامة 4.5 من 5، وتحاول أيضاً أن تتنافس بالأسعار
المقدمة في موقع Booking، الذي يصل
إليها منه العديد من الزبائن.
يقول يانون: "نحن نضيع على أنفسنا هنا سوق يتمتع بجودة
عالية. وتقول وزارة السياحة في النشرات التي تقدمها من أجل العلاقات العامة بأنها
ترغب في دعم المصالح الصغيرة، لكن هذا لا يحدث على أرض الواقع، لأننا لا نشجع
الساحة المستقلة ذاتياً، وإنما نشجع فقط سياحة الحجيج التي تزود شبكات الفنادق
الكبيرة فقط، وليس بيوت الضيافة أو المطاعم أو المتاجر والتجار في المدينة.".
البلدة القديمة لا تنطلق
نودع فوزي ونتوجه للقيام بجولة في سوق البلدة القديمة.
أورلي على حق، التجول في زقاق البلدة القديمة تجعلك تشعر وكأنك خارج البلاد. ولكن بعد
المشي لمسافة قصيرة تشعر بشعور غريب بأن هناك شيء ما ليس على ما يرام هنا. حيث
يأخذك الجمال، ولكن في النهاية تدرك الأمر: الأبواب مغلقة والنوافذ موصدة والبلدة
القديمة ميتة.
بيوت الضيافة الخاصة التي يمتلكها الشريكان إيمان زعبي
ويانون هي جوهرة التاج المهجور في البلدة القديمة، والتي بقيت في الخلف. نمر
بالقرب من مقهى الحي التابع لأبي سالم، حيث يجلس المسنون في البلدة سوية ويتحدثون
عن أمور الحياة اليومية من خلال ارتشافهم كأس من الشاي مع حب الجوز المكسر، ولا
يوجد أحد سواهم في المقهى. كذلك في مقهى ديوان السرايا الموجود في مركز السوق،
المعروف بالقطايف المشهورة التي يقدمها من صنع أبو أشرف، تجلس في ساعات الظهيرة
زبونة واحدة فقط، وهي سائحة من كندا، أما المدينة فيتجول فيها المئات من السياح.
يقول شحادة، مدير جمعية السياحة في المدينة: "نحن
نتحدث عن ولادة متعسرة. الوضع في البلدة القديمة يشبه القيام بإنعاش لشخص ميت. لا
شك أن الوضع صعب هنا. مع مر السنين أصيب السوق في البلدة القديمة بالإرهاق وخمدت
ناره رويدا رويداً. قبيل خطة الناصرة 2000 التي كانت تهدف للاستعداد لزيارة البابا
يوحنا بولس الثاني واحتفاءً بمولد السيد المسيح، قمنا بإغلاق أجزاء من المنطقة على
مراحل وعدد من المصالح لم تتمكن من البقاء في المنطقة ولم تنجو من الترميمات. كذلك،
أوقفت الانتفاضة الثانية السياحة، ومما زاد الأمر تعقيداً افتتاح مراكز تجارية
عديدة في مناطق قريبة."
في وزارة السياحة يدركون الوضع القائم ويحاولون تقديم المساعدة،
حيث أنهم قد استثمروا 6 مليون شيكل في ترميم البنية التحتية في المنطقة. ولكن هذا
الاستثمار بعيد كل البعد عن حل الضائقة الحقيقية في البلدة القديمة، يقول يانون:
"لقد انشغلوا بالتصليح والترميم، ورمموا الأرضيات والإنارة ورتبوا الأبواب
بشكل جميل، لكن هذا لم يساعد أي شخص لأنه لا يوجد أحد هنا يريد أن يفتح مصلحة. لقد
هجر الجميع كل شيء."
ويقول يانون: "لا شيء من الأمور الجديدة التي تفخر
بها الناصرة اليوم ليس موجوداً في السوق القديمة، التي بقيت خالية من المصالح
الصغيرة وخالية من الزوار والسياح الذين يدخلون إليها لشراء البضائع. لقد انتهيت
من الاستثمار في الريف، وأقول هذا بألم وحرقة. لقد أقمت مصلحة استغرقت نحو خمس
سنوات لتصبح مدرة للربح. مررت هنا بحرب لبنان الثانية وحملة الرصاص المصبوب وتشعر
بأنك في لعبة سلالم وحبال - تارة تصعد وتارة تنزل. أنا أستثمر هنا في التسويق وعرض
المكان، بينما أرى الحكومة تستثمر ملايين الشواكل في الحجارة."
عندما أدركت وزارة السياحة بأن لا فائدة من الاستثمار في
الوقت الحالي في المزيد من البنية التحتية، بدأت بمحاولة تشجيع المبادرين من خلال المنح
والقروض: منحة بقيمة 30% من الاستثمار الإجمالي لإقامة مصالح صغيرة في الناصرة و 24%
من الاستثمار الإجمالي لإقامة نزل "التسيمر" وبيوت الضيافة. كذلك، تمت
المصادقة في عام 2011 على منحة بقيمة 812 ألف شيكل لسبع طلبات لإقامة مصالح صغيرة
في البلدة القديمة، ومنحة بقيمة 810 ألف شيكل لسبع طلبات لإقامة 51 وحدة استضافة
في البلدة القديمة.
على الرغم من ذلك من المبكر الاحتفاء بالنجاح. يقول
شحادة: "حتى المصالح التي تحظى بالمنح تعاني من مشكلة، لأنها مضطرة لإكمال ما
يتبقى من الاستثمار من البنوك التي لا تبادر في تقديم القروض لهذه المصالح، وكذلك لأننا
نتحدث عن مصالح في مجال السياحة في الناصرة، التي تعتبر مصالح تحت خطر مرتفع،
وكذلك لأن المبادر هو عربي. الآن نحن نحاول أن نحل المشكلة بمساعدة جمعيات وصناديق
تساعد المبادرين وتمنح الضمانات للبنوك."
البلدية من ناحيتها تحاول أن تشجع المبادرات بمساعدات وامتيازات
من ضريبة السكن للبلدة القديمة فقط، ومن نسبة التخفيض في السنة الأولى التي تبلغ
75% وتصل إلى 25% في السنة الثالثة، وكذلك تخفيض أساس الضريبة بنسبة 30%، التي
يفترض أن يصادق عليها في أمر الضريبة الحالي.
تقول زعبي: "أنا لا أقول بأن الوضع ممتاز، لكن يجب
النظر أيضا إلى الأمور بمزيد من التفاؤل. أنا أعترف أنه لا يوجد في الوقت الحاضر مصالح
تجارية حقيقية في البلدة القديمة، ومع ذلك، يجب أن يبدأ أحدهم بذلك. ينتظر
المبادرون أن يروا ماذا سوف يحل بمتجري. إذا نجحت سوف يقلدونني، وإن فشلت فسوف
يقولون ألم نقل لك ...؟" يذكر أن السيدة زعبي أقامت بعد سنتين من افتتاحها
بيت الضيافة متجراً في البلدة القديمة للحرف اليدوية لفنانين محليين، بهدف إعادة
الحياة للمتاجر في السوق القديمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق