الاثنين، 30 أبريل 2012

نعم، يمكن أن تؤثر العقوبات على إيران


نعم، يمكن أن تؤثر العقوبات على إيران

برونو تيرتيز، من كبار الباحثين في مؤسسة الأبحاث الإستراتيجية
قررت الولايات المتحدة  والدول الأوربية والدول ذات التوجهات المماثلة فرض عقوبات لم يسبق لها مثيل ضد إيران. ومع ذلك، هناك عدد من المحللين يشككون في فعالية هذه العقوبات، إنهم مخطئون.

لقد أثرت العقوبات المفروضة على إيران فعلياً. فإلى جانب عمال التخريب التي أدتها هذه العقوبات، عملت على إعاقة البرنامج النووي الإيراني، حيث أصبح استيراد المواد والتكنولوجيا أكثر صعوبة. ونتيجة لذلك، فإن الفترة الزمنية التي تحتاجها إيران للحصول على القنبلة النووية سوف تطول. لقد أصبح عدد أجهزة الطرد المركزي (IR-1) اليوم في منشأة نانتاز لتخصيب اليورانيوم أقل بكثير مما كان متوقعاً  قبل ست سنوات، سواء من جانب إيران ومن جانب أجهزة الاستخبارات الغربية، والاهم من ذلك، عملت العقوبات على إعاقة مرحلة الانتقال إلى أجهزة الطرد المركزي الحديثة ( IR-2 و IR-4m) التي تحتاجها إيران لخيار الانتشار، ومن المحتمل أن هذه العقوبات ساهمت أيضا في إعاقة إنشاء  مفاعل أراك، الذي يحتمل أن يفتح طريقاً آخر لإنتاج القنبلة النووية.
هذه ليست إنجازات ضئيلة. الوقت سلعة ثمينة في الدبلوماسية الدولية. 
العقوبات تتطلب طموحاً أوسع بطبيعة الحال، فهي تسعى لتغيير حسابات التفاضل والتكامل التي تجريها القيادة الإيرانية حول برنامجها النووي، وذلك من خلال التوضيح بأن الاستمرار في المسار الحالي سوف يسبب الضرر للدولة على نحو متزايد. وكما تقر طهران في الوقت الحالي - بعد سنوات من الإنكار – فإن العقوبات لها تأثير على الاقتصاد. من الصعب قياس هذا التأثير لأنه مضاف إلى سوء الإدارة الاقتصادية التي تنتهجها القيادة الإيرانية. ومع ذلك، يوجد دلالات على تأثير هذه العقوبات. أحد هذه التأثيرات يتمثل في الهبوط الطوعي للريال الإيراني الذي جاء مترافقاً مع التهافت على السبائك الذهبية (بهاري أزادي) في أوساط المواطنين. هناك تأثير آخر يتمثل في انخفاض الاستثمارات التي واجهت صعوبات أكثر من جراء العقوبات المالية غير الرسمية.
العقوبات الجديدة لن تعمل على خفض العوائد الإيرانية فحسب، بل إنها ستضع الصين والهند أيضاً في موقف من الاحتكار الثنائي، مع قدرة على التفاوض على عقود النفط. الغضب الإيراني يتزايد كما هو واضح من التصريحات الاستفزازية التي صدرت في الأسابيع الماضية. تدرك إيران أن قدرتها على إرضاء المواطنين وعرض تأثيرها في الخارج هو على وشك الانحسار.
هل يمكن أن يكون للعقوبات تأثير بحيث تجبر إيران على تغيير مسارها في الملف النووي؟ نعم، شريطة أن يتم تلبية ظروف محددة. العقوبات بحاجة إلى تطبيق فعال، ويجب أن تترافق العقوبات مع التهديد الجدي باستخدام القوة العسكرية. المزج بين الضغط الخارجي والداخلي – الاستياء المحلي – هو وحده فقط الذي سيجعل القادة الإيرانيين يخشون على المستقبل القريب للنظام.
إن الادعاء بأن العقوبات هي مضادة للإنتاج يتعارض مع ما هو معروف حول سلوك الجمهورية الإيرانية الذي لا يتراجع إلا تحت الضغط. وهذا ما شهدناه في نهاية الحرب مع العراق في عام 1988، أو عندما خشيت طهران من الرد الدولي ضدها في عام 2003.
علاوة على ذلك، نحن نعرف أن العقوبات يمكن أن يكون لها تأثير على الحد من الانتشار النووي. لقد ساهمت العقوبات في إسقاط  نظام التمييز العنصري المسلح بالقدرات النووية في جنوب إفريقيا، وقد منعت العقوبات صدام حسين من استئناف برنامجه النووي بعد عام 1971، وقد أقنعت العقوبات نظام القذافي أن عصرنة الاقتصاد الليبي لم يكن متوافقاً مع الطموحات النووية،  وقد أعادت العقوبات كوريا الشمالية إلى طاولة المفاوضات في مناسبات عدة، وربما أن العقوبات ساهمت في تخلي بورما عن أي مخططات نووية ربما كانت موجودة لديها.
خلاصة القول، أثبت التاريخ أن العقوبات ضد إيران يمكن أن تكون بمثابة مفتاح الحل للأزمة النووية.
في كل الأحوال، لا يوجد بدائل جيدة. تشير بعض البدائل أن الغرب يجب أن يقدم على مساومة كبيرة مع إيران، لكن جميع المحاولات التي كانت تهدف إلى استئناف المفاوضات باءت بالفشل. وهناك أيضاً مشاكل تتعلق بالتصور حول المسامة الكبيرة. هكذا ترتيبات نادرة لأنها من الصعب تحقيقها،  وسرعان ما تندثر هذه الترتيبات عندما يجف الحبر على الورق، وقد كان هذا جلياً في المحاولات المتعددة التي جرت للتأثير على كوريا الشمالية منذ عام 1993. لقد أوضح المفاوضون الإيرانيون أنهم لم يعودوا مهتمين بالضمانات الأمنية، أي التعهدات بعدم مهاجمة إيران. لقد بات من الصعب تخيل قدرة إيران الفعلية على اتخاذ قرار استراتيجي بتحقيق تسوية مع الغرب ي ظل هشاشة النظام وشخصية آية الله خامنئي.  ولقد ظل خامنئي مقتنعاً أن الولايات المتحدة وأوروبا لن تقبل بأقل من تغيير النظام، وأن أي اتفاقية من شأنها أن تشكل منحدراً منزلقاً للجمهورية الإسلامية. ومما يبعث على السخرية، أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هو الآن أحد المؤيدين لمثل هذا الترتيب، ولكنه غير مستقل في قراره.
إن مشهد المساومة الكبرى مع الجمهورية الإسلامية ليس أكثر من وهم كبير. الاستمرار في العقوبات هو الخيار غير المنطقي على أقل التقديرات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق